السادس : (١)
الظاهر : أنه لا يعتبر في صدق المشتق وجريه على الذات حقيقة ؛ التلبس بالمبدإ حقيقة وبلا واسطة في العروض ، كما في الماء الجاري ، بل يكفي التلبس به ولو
______________________________________________________
وكونه على نحو الحقيقة ، فلا حاجة إلى ما ذكره صاحب الفصول من الالتزام بالنقل.
٣ ـ بيان الخلل في استدلال النافين لاعتبار المبدأ بالذات ، وقد عرفت الخلل فيما استدلوا به على عدم اعتبار قيام المبدأ بالذات في صدق المشتق على نحو الحقيقة.
وقلنا : إن القيام موجود في جميع الأمثلة المذكورة ، غاية الأمر : أن الاختلاف في كيفية قيام المبدأ بالذات ، وقد عرفت غير مرة : أن الاختلاف في كيفية قيام المبدأ بالذات لا يضر بقيام المبدأ بها ، ولا بصدق المشتق على الذات بنحو الحقيقة.
(١) غرض المصنف من عقد هذا الأمر هو : دفع ما في الفصول من اعتبار الإسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة ، فلا بد أولا من ذكر كلام صاحب الفصول ؛ كي يتضح إيراد المصنف عليه.
قال في الفصول ما هذا لفظه : «يشترط في صدق المشتق على شيء حقيقة قيام مبدأ الاشتقاق به من دون واسطة في العروض ...» إلخ ، إلى أن قال : «وإنما قلنا : من دون واسطة في المقام احترازا عن القائم بواسطة». وظاهر كلامه هذا هو : اعتبار الإسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة ، ولازم ذلك هو : الفرق بين قولنا : الماء الجاري وبين قولنا : الميزاب الجاري فيكون صدق المشتق في المثال الأول على نحو الحقيقة ؛ لأن إسناد الجريان إلى الماء يكون بلا واسطة في العروض ، وفي المثال الثاني على نحو المجاز ؛ لأن قيام الجريان بالميزاب يكون بواسطة الماء وهي الواسطة في العروض.
وقد أورد عليه المصنف بقوله : «الظاهر أنه لا يعتبر في صدق المشتق ...» إلخ ، وحاصل ما أفاده المصنف ـ من الإشكال على صاحب الفصول ـ هو : أن صدق المشتق على الذات حقيقة لا يتوقف على كون إسناد المشتق حقيقيا وإسنادا إلى من هو له ، كما في «الماء جار» ؛ بل يكون صدق المشتق على الذات على نحو الحقيقة وإن كان إسناده إلى الذات مجازيا ، وإسنادا إلى غير من هو له نحو. «الميزاب جار» و «جالس السفينة متحرك» ، فالمجاز في الإسناد لا يضر في صدق المشتق على الذات على نحو الحقيقة ؛ بل المضر فيه هو المجاز في الكلمة لا المجاز في الإسناد ، فالمشتق الذي هو «جار» قد استعمل في معناه الحقيقي في كلا المثالين ؛ وإن كان الإسناد في أحدهما مجازيا وفي الآخر حقيقيا إلّا إن المجاز في الإسناد لا يوجب المجاز في الكلمة ، فالمشتق مثل : «الجاري