باب الخلط بين المجاز في الإسناد والمجاز في الكلمة ، وهذا ـ هاهنا ـ محل الكلام بين الأعلام ، والحمد الله وهو خير ختام.
______________________________________________________
فمعنى العبارة : أن المجاز في الكلمة «هاهنا» أي : في بحث المشتق محل الكلام بين الأعلام ، لا المجاز في الإسناد. «بقي شيء» وهي الثمرة العلمية أو العملية على بحث المشتق ، بعدم كونه من المسائل الأصولية ، بقرينة ذكرهم له في المقدمة دون المقاصد.
أما الثمرة العلمية فهي : صحة تعريف الإنسان بالناطق وحده ، أو الضاحك وحده نحو : الإنسان ناطق ، أو الإنسان ضاحك ؛ على القول بتركب المشتق ، فيسمى الأول حدا ناقصا ، والثاني رسما ناقصا. وعدم صحة التعريف المذكور على القول بالبساطة.
توضيح ذلك : أن التعريف سواء كان بالحد أو بالرسم إنما هو من مصاديق الفكر والنظر. وقيل في تعريف النظر : إنه عبارة عن ترتيب أمور معلومة لتحصيل أمر مجهول ، فيصح تعريف الإنسان بالناطق على القول بالتركب ، لصدق الترتيب على اثنين ، لأنه أقل الجمع عند أهل الميزان ، والمفروض : أن الناطق مركب من أمرين أعني شيء له النطق ، أو ذات له النطق ، وكذلك الضاحك في المثال المذكور ، هذا بخلاف القول بالبساطة ؛ فلا يصح التعريف المذكور لعدم صدق الترتيب حينئذ.
وأما الثمرة العملية : فذكروا لها موارد ؛ منها : كراهة البول تحت الشجرة التي لا ثمرة لها فعلا مع كونها ذات ثمرة قبلا ، فإن قلنا : بوضع المشتق للأعم فهو مكروه ، وإن قلنا : بوضعه لخصوص المتلبس بالمبدإ في الحال فهو غير مكروه.
ومنها : كراهة الوضوء والغسل بالماء المشمس أي : الحار بحرارة الشمس ، بعد صيرورته باردا ، فإن قلنا : بوضعه للأعم فهما مكروهان. وإن قلنا : بوضعه للمتلبس فلا يحكم بكراهتهما ، لأن الحكم بالكراهة بعد ارتفاع السخونة مبني على وضع المشتق للأعم وعدم اشتراط بقاء المبدأ في صدق المشتق.
ومنها : إذا عرض الجلل على حيوان مأكول اللحم ، وزال عنه الجلل بواسطة الاستبراء ، فإن قلنا : بوضعه للأعم حرم أكل لحمه. وإن قلنا : بوضعه لخصوص المتلبس بالمبدإ لم يحرم ، وأما بيان الاستبراء كما وكيفا فموكول إلى علم الفقه.
ومنها : تحريم الزوجة الكبيرة التي أرضعت زوجة صغيرة كما مر تفصيله في الأمر الأول ، فلا حاجة إلى إعادة ذلك.
وتركنا بسط الكلام في الموارد المذكورة نقضا وإبراما رعاية للاختصار.