بحث الأوامر (١)
وفيه فصول :
______________________________________________________
(١) قدم المصنف بحث الأوامر على النواهي تبعا لغيره ، لأن الأوامر أمر وجودي ، والنواهي أمر عدمي ، ولا ريب : أن الوجود أشرف من العدم ، والعقل يحكم بتقديم ما هو الأشرف على غيره ، ولهذا جرى ديدن الأصوليين على تقديم مباحث الأوامر على النواهي.
والأمر بمعنى المصدر لا يجمع ، لأن المصدر لا يجمع باتفاق الأدباء ، فمفرد الأوامر ليس الأمر بالمعنى المصدري ولكن فيه احتمالات بل أقوال :
منها : أن الأوامر والنواهي جمع الأمر والنهي ؛ بمعنى : القول المخصوص أو الطلب ، فعليه : لم يكن هذا الجمع جاريا على القياس إذ ليس القياس في جمع الفعل على فواعل.
نعم ؛ يمكن أن يقال بأنه جمع هذا الوزن سماعا ، ويكفي فيه ما في دعاء كميل المعروف من قوله «عليهالسلام» : «وخالفت بعض أوامرك». وفي المصباح : «جمع الأمر على الأوامر».
ومنها : أن الأوامر جمع للآمرة نعتا للكلمة على سبيل المجاز ـ من قبيل إسناد الشيء إلى الآلة ـ إذ في إسناد الطلب إلى الألفاظ والصيغ ـ مع إنه مستند في الحقيقة إلى المتلفظ ، والطالب ـ نوع من التجوّز والعناية ، فيكون الجمع حينئذ على القاعدة مثل القواعد جمع القاعدة ، إلّا إن إطلاق الآمرة على الكلمة أو الصيغة من باب المجاز في الإسناد ، ثم اشتهر هذا الجمع إلى أن بلغ حد الحقيقة فيكون حقيقة عرفية.
ومنها : أن الأوامر جمع للأمور التي هي جمع للأمر بمعنى الطلب ؛ فرقا بين الأمر بمعنى الطلب ، والأمر بمعنى الفعل والشأن ؛ حيث يجمع على أمور فقط ، فيكون الأوامر جمع الجمع بأن جمع الأمر بمعنى الطلب أولا على أمور ، ثم الأمور على الأوامر ؛ كأنه نقل فيه الواو عن مكانه ، وقدّم على الميم.
ومنها : أن الأوامر جمع للآمرة بمعنى الأمر ، لأن الفاعلة قد يجيء مصدرا كالعاقبة والعافية ونحوهما ، ولكن الأظهر من هذه الأقوال هو القول الأول ، ثم كل ما ذكر