نعم (١) ؛ القول المخصوص ـ أي : صيغة الأمر ـ إذا أراد العالي بها الطلب يكون من
______________________________________________________
ذكر الدال وإرادة المدلول.
وحاصل ما أفاده المصنف في المقام : أنه لما أبطل دعوى الاتفاق على كون الأمر حقيقة بحسب الاصطلاح في القول المخصوص ؛ أراد توجيه اتفاقهم بما صح تعلقه به.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أنه يمكن تأويل معقد الاتفاق بأن يقال : إن مراد الأصوليين ـ من قولهم : فقد نقل الاتفاق على أنه حقيقة في القول المخصوص ـ هو : كون لفظ الأمر حقيقة في الطلب بالقول المخصوص ؛ بحيث يكون معنى الأمر حدثيّا وليس مرادهم أن معنى الأمر هو : نفس الصيغة حتى لا يصح الاشتقاق منه.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه يحصل التوفيق بين نقل الاتفاق على كون لفظ الأمر حقيقة في القول المخصوص أي : في مدلوله ، وبين كون الاشتقاق منه بلحاظ هذا المعنى الاصطلاحي ، ثم الوجه في تعبيرهم عن الطلب الذي هو معنى لفظ الأمر بنفس القول هو : دلالة الصيغة على الطلب ، فعبر عنه بما يدل عليه ـ وهو القول المخصوص ـ مجازا من باب ذكر الدال وإرادة المدلول ، فإن المناسبة الثابتة بين الدال والمدلول تقتضي صحة تسمية كل منهما باسم.
وبعبارة واضحة : أنه لمّا كان الطلب الذي هو معنى لفظ الأمر مدلولا للقول المخصوص قالوا : إن الأمر هو ذلك القول المخصوص تسمية للدال ـ أي : القول المخصوص ـ باسم المدلول أي : الطلب ، فيكون معنى حدثيّا قابلا للاشتقاق ، فلذا اشتق منه «أمر يأمر آمر مأمور ...» إلخ.
(١) استدراك على قوله : «لا نفسه» يعني : أن الأمر وإن لم يكن اسما للقول المخصوص ؛ بحيث يكون معناه ذلك القول ، لكنه يعدّ من مصاديق الأمر إذا كان الطالب به عاليا كالمولى الحقيقي أو العرفي ، ولوحظ ذلك القول بما هو طلب لا بما أنه قول خاص ، وإلّا رجع إلى المعنى الأول وهو : كون الأمر نفس القول.
والحاصل : أن مصداقية القول الخاص للأمر إنما تكون بلحاظ كونه طلبا مطلقا أو خاصا ، لا بلحاظ أنه قول ، وإلّا رجع إلى المعنى الأول وهو : كون الأمر نفس القول المخصوص ، وهذا مراد المصنف «قدسسره» بقوله : «بما هو طلب» يعني : لا بما هو قول كما في «منتهى الدراية ، ج ١ ، ص ٣٦٦».
وكيف كان ؛ فلمّا وضع الأمر للطلب بالقول كان مصداق الطلب مصداقا للأمر لبداهة أن مصداق أحد المتساويين مصداق للآخر.