الجهة الثانية (١):
الظاهر : اعتبار العلو في معنى الأمر.
فلا يكون الطلب من السافل أو المساوي أمرا ، ولو أطلق عليه (٢) : كان بنحو من
______________________________________________________
في اعتبار العلو في معنى الأمر
(١) هذا هو المطلب الثاني من المطالب التي تقدم ذكرها إجمالا في بداية البحث.
والغرض من عقد الجهة الثانية هي : الإشارة إلى وجوه ، بل أقوال فيما هو ملاك صدق الأمر ، وبيان ما هو الحق عند المصنف من تلك الوجوه والأقوال فنقول في تفصيل ذلك : إن في المسألة وجوه ، بل أقوال :
الأول : اعتبار العلو في صدق الأمر فليس طلب السافل أو المساوي أمرا.
الثاني : اعتبار الاستعلاء ، فليس طلب الخافض جناحيه أمرا وإن كان من العالي.
الثالث : اعتبار العلو والاستعلاء جميعا ، فلا يكون الطلب من الخافض جناحيه أمرا وإن كان عاليا.
الرابع : اعتبار أحدهما : إما العلو وإما الاستعلاء ، على سبيل منع الخلو.
الخامس : عدم اعتبار شيء منهما ، بل مطلق الطلب أمر ؛ سواء صدر من العالي أم صدر من المساوي ، أم صدر من السافل مع عدم الاستعلاء. والمصنف اختار القول الأول حيث قال : «الظاهر اعتبار العلو في معنى الأمر ، فلا يكون الطلب من السافل أو المساوي أمرا».
وخلاصة الكلام في المقام : أن المصنف ادعى بأن الأمر هو خصوص الطلب من العالي ، فالطلب من العالي ـ ولو كان مستخفضا لجناحيه ـ يعدّ أمرا ، واستدل على دعواه : بظهور ذلك عرفا ؛ فإنه إذا قيل : «أمر زيد عمروا بكذا» يفهم منه ويتبادر : أن زيدا له العلو على عمرو ولو كان السامع لا يعرف زيدا ولا عمروا. ومن هنا يعلم : أن ملاك صدق الأمر وجود جهة العلو في الآمر ، فلا يكون الطلب من الشخص السافل أو الشخص المساوي أمرا.
(٢) أي : لو أطلق الأمر على طلب السافل أو المساوي رتبة ـ بحيث لا يكون له علوّ عقلا ولا شرعا ولا عرفا ـ كان الإطلاق بنحو من العناية والمجاز ؛ وذلك للمشابهة في الصورة. نعم ؛ جرى اصطلاح النحاة على تسمية مطلق ما كان بصيغة «افعل» بالأمر.