.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا الأمر الثاني : فهو التعرض لما هو محلّ الخلاف بين الأشاعرة والعدليّة من المعتزلة والإمامية ، من اتحاد الطلب والإرادة كما يقول به العدلية ، أو تغايرهما كما يقول به الأشاعرة وبيان ما هو الحق في المسألة هو : أن الطلب عين الإرادة.
فهذه الجهة تكون لبيان الأمرين ؛ اللذين يمكن الاختلاف فيهما فيقال في الأمر الأول : إن مدلول الأمر هل هو الطلب الحقيقي أم الإنشائي؟
ويقال في الأمر الثاني : هل الطلب والإرادة أمران متحدان أو هما متغايران.
وخلاصة الكلام في الأمر الأول : أنّ المصنف قال : إنّ مدلول الطلب هو الطلب الإنشائي لا الحقيقي.
وتحقيق الكلام فيه يحتاج إلى مقدمة وهي : أن المفهوم إما له أفراد متأصلة في الخارج أو لا ، وكل منهما إما قابل للإنشاء أو لا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن لمفهوم الطلب أفراد متأصلة في الخارج ، وهو قابل للإنشاء ، فحينئذ يكون مقولة بالاشتراك على ثلاثة أقسام :
الأول : الطلب الذي له وجود في الخارج وهو من صفات النفس ومن الكيفيات النفسانية.
الثاني : الطلب الإنشائي المنتزع عن مقام إظهار الإرادة بقول نحو : «أعط زيدا درهما» ، أو إشارة كالإشارة بيد أو عين أو غيرهما إلى المخاطب بأن يفعل كذا وكذا. أو بكتابة.
وكيف كان ؛ فللطلب الحقيقي وجود عيني في نفس الطالب ؛ بخلاف الطلب الإنشائي إذ ليس له وجود عيني في النفس كالأوامر الامتحانية.
الثالث : مفهوم الطلب الجامع بين النوعين ، ومعنى لفظ الأمر هو الطلب الإنشائي لا الطلب الحقيقي القائم بالنفس ، فالطلب وإن كان له نوعان حقيقي وإنشائي إلّا إن معنى لفظ الأمر هو الطلب الإنشائي لا الحقيقي ؛ كما أشار إليه بقوله : «الظاهر أن الطلب ...» إلخ ، فإذا قلنا : إن لفظ الأمر معناه الطلب ؛ أريد منه الطلب الإنشائي الذي لا يكون طلبا بالحمل الشائع الصناعي ، بل طلبا مقيدا بالإنشائي بأن يقال : هذا الطلب طلب إنشائي ، هذا بخلاف الطلب الحقيقي حيث يطلق عليه الطلب ؛ من دون حاجة إلى التقييد فيقال : هذا الطلب طلب.
ولا تلازم بينهما ؛ لتفارقهما فيما إذا قال المولى لعبده : «اسقني ماء» ، ولم يكن في