طلبا مطلقا ، بل طلبا إنشائيا ، سواء أنشئ بصيغة افعل ، أو بمادة الطلب ، أو بمادة الأمر ، أو بغيرها. ولو أبيت (١) إلّا عن كونه موضوعا للطلب : فلا أقل من كونه منصرفا إلى الإنشائي منه عند إطلاقه ؛ كما هو الحال في لفظ الطلب أيضا ، وذلك لكثرة (٢) الاستعمال في الطلب الإنشائي ، كما أن الأمر في لفظ الإرادة على عكس لفظ الطلب (٣) ، والمنصرف عنها عند إطلاقها هو الإرادة الحقيقية.
______________________________________________________
نفسه طلب حقيقة ، بل أمره امتحانا فيصدق عليه الطلب الإنشائي دون الطلب الحقيقي ، فثبت التفكيك بينهما ، وكانت النسبة عموما من وجه مادة الاجتماع إذا كانا معا ، ومادة الافتراق من جانب الحقيقي : ما إذا كان موجودا في النفس ، ولكن لم يظهر بالقول ولا بالإشارة لفقد المقتضي أو لوجود المانع ، ومادة الافتراق من جانب الإنشائي : ما عرفته من الطلب الإنشائي في الأوامر الامتحانية.
والمتحصل من جميع ما ذكرناه : أن قولهم : الأمر معناه الطلب يراد منه : أن الأمر معناه الطلب الإنشائي ، ولا يراد منه أن الأمر معناه الطلب الحقيقي ، أو الطلب المفهومي الجامع.
والدليل على ذلك : أن الطلب الحقيقي إنما يوجد بأسبابه الخاصة ، كما أن العلم يوجد بأسبابه الخاصة. وأما الطلب الإنشائي : فإنه يوجد باللفظ فما يوجد بلفظ الأمر لا يمكن أن يكون طلبا حقيقيا ، ولذا ترى أن المولى قد يأمر عبده من غير قيام طلب حقيقي في نفسه. وأما الطلب المفهومي فإنه لا يوجد إلّا بأحد فرديه ، وعليه : فلا يمكن أن يكون لفظ الأمر الموضوع لأحد فرديه ؛ أعني : الإنشائي دالا عليه.
(١) أي : لو أبيت إلّا عن كون لفظ الأمر موضوعا للطلب بقول مطلق أي : الجامع بين الحقيقي والإنشائي «فلا أقل من كونه» أي : كون لفظ الأمر منصرفا إلى الإنشائي منه عند الإطلاق.
وحاصل ما أفاده المصنف : أنه إذا قلنا : بكون لفظ الأمر موضوعا لمطلق الطلب الجامع بين الحقيقي والإنشائي ؛ لا لخصوص الطلب الإنشائي فلا أقل من كونه منصرفا إلى خصوص الطلب الإنشائي ، وهذا الانصراف يوجب ظهور لفظ الأمر فيه «كما هو الحال في لفظ الطلب» أي : لفظ الطلب أيضا ينصرف إلى الطلب الإنشائي كلفظ الأمر.
(٢) أي : الانصراف المزبور إنما هو لأجل كثرة استعمال كل من لفظ الأمر والطلب في الطلب الإنشائي.
(٣) أي : الإرادة عكس الطلب ، فإن الإرادة ـ وإن كانت كالطلب على ثلاثة أقسام أي : المفهومي الجامع والحقيقي والإنشائي ـ إلّا إن المنصرف عنها عند إطلاقها هو الإرادة