الأقسام ثلاثة (١) ، وذلك (٢) لأن العام يصلح لأن يكون آلة للحاظ أفراده ومصاديقه بما هو كذلك فإنّه من وجوهها ، ومعرفة وجه الشيء معرفته بوجه.
______________________________________________________
والمصنف يقول بعدم إمكانه ، لأنّ الجزئي لا يكون مرآة للكلي ولا لجزئي آخر.
(١) أي : ١ ـ الوضع العام والموضوع له عام. ٢ ـ الوضع العام والموضوع له خاص.
٣ ـ الوضع الخاص والموضوع له خاص.
فالأول : أن يلحظ معنى عاما ويوضع اللفظ لذلك المعنى العام.
الثاني : أن يلحظ معنى عاما ويوضع اللفظ لمصاديقه وأفراده الجزئية.
الثالث : أن يلحظ معنى خاصا ويوضع اللفظ لذلك المعنى الخاص.
(٢) أي : الفرق بين ما تقدم من الوضع الخاص والموضوع له العام ، وبين الوضع العام والموضوع له الخاص قال المصنف «قدسسره» في الفرق بينهما : «لأنّ العام يصلح لأن يكون آلة للحاظ أفراده ومصاديقه بما هو كذلك أي : «بما هو عام» ، فإنّه من وجوهها ، ومعرفة وجه الشيء معرفته بوجه ، بخلاف الخاص ، فإنّه بما هو خاص لا يكون وجها للعام ، ولا لسائر الأفراد ، فلا يكون معرفته وتصوّره معرفة له ، ولا لها ـ أصلا ـ ولو بوجه».
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة : وهي أنّ الوضع ـ سواء كان بمعنى تخصيص اللفظ بالمعنى أو بمعنى : اعتبار كون اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى ، أو بمعنى : التعهد ـ يكون فعلا اختياريا فيتوقف تحققه على تصور اللفظ والمعنى ، فلا بد من تصور ما يوضع له اللفظ قبل الوضع ولو إجمالا ، وإلّا لا يعقل الوضع.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول في توضيح ما ذكره المصنف «قدسسره» من الفرق : إنّه يمكن تصور المعنى الخاص بتصور المعنى العام بأن يلاحظ الواضع المعنى العام ، ويجعله آلة للحاظ أفراده ثم يضع اللفظ للأفراد. هذا في الوضع العام والموضوع له الخاص. بخلاف الخاص في الوضع الخاص ، والموضوع له العام ؛ فإن الخاص بما هو خاص لا يكون وجها وعنوانا للعام ليكون تصوره تصورا له بوجه ، لأنّ الخاص بما هو خاص متخصص بخصوصية مقومة للخاص ، وهذه الخصوصية تنافي العموم ؛ لأنّه لا يتحصل إلّا بإلغاء الخصوصية ، فكيف يعقل تصور العام بتصور الخاص؟! وبدون التصور لا يتحقق الوضع.
فخلاصة الفرق : أنّه يمكن تصور المعنى الخاص بتصور المعنى العام في الوضع العام والموضوع له الخاص ، ولا يمكن تصور العام بتصور المعنى الخاص في الوضع الخاص والموضوع له العام ، فهو غير ممكن.