عرفت ، ولكنه (١) لا يضر بدعوى الاتحاد أصلا ؛ لمكان (٢) هذه المغايرة والانفكاك بين الطلب الحقيقي والإنشائي كما لا يخفى.
ثم إنه يمكن ـ مما حققناه (٣) ـ أن يقع الصلح بين الطرفين ، ولم يكن نزاع في البين ، بأن يكون المراد (٤) بحديث الاتحاد ما عرفت من العينية مفهوما ووجودا حقيقيا وإنشائيا ، ويكون المراد بالمغايرة والاثنينية هو اثنينية الإنشائي من الطلب ، كما هو (٥) كثيرا ما يراد من إطلاق لفظه ، والحقيقي من الإرادة ، كما هو (٦) المراد غالبا منها حين إطلاقها ، فيرجع النزاع لفظيا ، فافهم (٧).
______________________________________________________
(١) أي : ولكن الانفكاك المزبور لا يضر بدعوى اتحاد الطلب الحقيقي والإرادة الحقيقية ؛ لما مر من اعتبار وحدة الرتبة في عينيتهما ، فالطلب الحقيقي متحد مع الإرادة الحقيقية ، دون الطلب الإنشائي معها ، فمغايرة الطلب الحقيقي للإرادة الإنشائية وبالعكس لا تنافي عينيتهما ، واتحادهما مع اتحادهما في الرتبة كالحقيقيين والإنشائيين.
(٢) أي : لثبوت هذه المغايرة والانفكاك بين الطلب الحقيقي والطلب الإنشائي ، فكما إن مغايرة الطلب الحقيقي للطلب الإنشائي غير مضر في الاتحاد ، ولا يلزم منه سلب الشيء عن نفسه لتعدد المرتبة ، كذلك مغايرة الطلب الإنشائي والإرادة الحقيقية غير مضر بدعوى الاتحاد لتعدد المرتبة.
(٣) أي : من تعدد مراتب الطلب والإرادة واتحادهما مفهوما ووجودا إنشاء وحقيقة ؛ يمكن «أن يقع الصلح بين الطرفين» أي : العدلية القائلين بالاتحاد ، والأشاعرة القائلين بالمغايرة.
(٤) هذا بيان وجه الصلح بين الطرفين بتقريب : أنه يمكن أن يكون مراد من يثبت اتحاد الطلب والإرادة اتحادهما مفهوما ومصداقا وإنشاء ؛ بمعنى : أنهما متحدان في هذه الجهات مع وحدة المرتبة ؛ بحيث يكون كل منهما عين الآخر في تلك المرتبة.
ومراد من ينفى اتحادهما ، ويثبت تغايرهما هو : تغايرهما مع اختلاف المرتبة ، كالطلب الإنشائي مع الإرادة الحقيقية فإنهما متغايران ، ولا يتحدان أصلا ، وبهذا الوجه يقع الصلح بين الطرفين ويصير النزاع بينهما لفظيا.
(٥) أي : الطلب الإنشائي كثيرا ما يراد من إطلاق لفظ الطلب.
(٦) أي : الحقيقي من الإرادة هو المراد غالبا من لفظ الإرادة ؛ عند إطلاق لفظ الإرادة.
(٧) لعله إشارة إلى عدم كون النزاع لفظيا ؛ لأن الأشعري قائل بأن مدلول الصيغة