في اتحاد الإرادة والعلم عينا وخارجا ، بل لا محيص عنه في جميع صفاته تعالى ؛ لرجوع الصفات إلى ذاته المقدسة (١) ، قال أمير المؤمنين «صلوات الله وسلامه عليه» : «وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه» (٢).
______________________________________________________
(١) أي : صفاته تعالى عين ذاته المقدسة ؛ كما دل عليه البرهان القطعي ، وتواترت بذلك الروايات ، وكفاك ما قاله أمير المؤمنين «عليهالسلام». وغرضه من نقل كلام الإمام «عليهالسلام» هو الاستشهاد به على اتحاد صفاته تعالى وعينيّتها لذاته المقدسة.
توضيحه : على ما في «منتهى الدراية ، ج ١ ، ص ٤٣٢» : أن الإخلاص له هو تجريده تعالى عن الزوائد والثواني ليكون بسيطا حقيقيا ، وإلّا لم يكن بسيطا كذلك ، وبساطته الحقيقية تتوقف على نفي الصفات عنه ؛ إذ بدونه يصير مقرونا بشيء أي : صفة زائدة على ذاته ، ومن قرنه بغيره فقد جعل له ثانيا في الوجود ولازمه : تركبه من جزءين ، وهذا ينافي بساطته الحقيقية ، إذ لو كان في الوجود غيره سواء كان صفة أم غيرها لم يكن بسيطا حقيقيا ، فالتوحيد المطلق هو : أن لا يعتبر معه تعالى غيره مطلقا ، هذا في الصفات المغايرة لذاته تعالى في الوجود.
وأما الصفات غير المغايرة لها وجودا بأن تكون عينها بحيث يكون الذات بذاته مصداقا لجميع النعوت الكمالية ؛ من دون قيام أمر زائد بذاته الأحدية «جل وعلا» ، فهي غير منفية عنه تعالى ، لقوله «عليهالسلام» : «ليس لصفته حد محدود» ، فلا منافاة بين هذه الجملة : أعني : «ليس لصفته حد محدود» ، وبين قوله «عليهالسلام» : «وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه» ، وقوله «عليهالسلام» : «فمن وصفه قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزاه» ؛ وذلك لأن ما يثبت الصفات له تعالى ناظر إلى الصفات التي هي عين ذاته وجودا ، وما ينفي الصفات عنه بحيث صار نفيها مدار التوحيد ناظر إلى الصفات التي تكون مغايرة لذاته وجودا ، وموجبة للتركب ، كصفاتنا ، حيث إنها فينا زائدة على ذواتنا وقائمة بنا نحو قيام.
(٢) شرح نهج البلاغة ، ج ١ ، ص ٦٧ ، باب الخطب والأوامر.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
أما خلاصة البحث ففي أمور تالية :
١ ـ معنى لفظ الأمر هو : الطلب الإنشائي لا الطلب الحقيقي الذي يكون طلبا بالحمل الشائع الصناعي.
فلو أبيت إلّا عن كون لفظ الأمر موضوعا للطلب المطلق ؛ فلا أقل من كونه منصرفا