ويؤيده (١) : عدم صحة الاعتذار عن المخالفة باحتمال إرادة الندب ، مع الاعتراف بعدم دلالته عليه بحال أو مقال (٢).
وكثرة الاستعمال فيه (٣) في الكتاب والسنة وغيرهما لا توجب نقله إليه ، أو
______________________________________________________
(١) أي : يؤيد تبادر الوجوب «عدم صحة الاعتذار عن المخالفة ...» إلخ ، وإنما جعله مؤيدا لا دليلا برأسه لصحة الاعتذار أيضا مع ظهور الصيغة في الوجوب ولو لأجل انصرافها إليه لا لوضعها له ، فعدم صحة الاعتذار حينئذ لا تدل على الوضع للوجوب ؛ بخلاف التبادر لكونه من علائم الوضع.
(٢) وحاصل الكلام في المقام : أن العبد مع اعترافه بعدم وجود القرينة على الندب ؛ لا يصح منه الاعتذار لتركه أمر المولى باحتماله الندب ، فعدم صحة الاعتذار منه ، واحتجاج المولى عليه ومؤاخذته له ، وعدم قبوله لعذره كاشف عن وضع الصيغة للوجوب ؛ إذ لو كان مشتركا صح منه الاعتذار.
(٣) أي : كثرة الاستعمال في الندب. وهذا الكلام اعتراض على صاحب المعالم ، وجواب عما أفاده في المعالم ، فلا بد من ذكر ما في المعالم كي يتضح ما أورده المصنف عليه.
قال صاحب المعالم بعد ما اختار أن الأمر حقيقة في الوجوب ما لفظه : (فائدة : يستفاد من تضاعيف أحاديثنا المروية عن الأئمة «عليهمالسلام» : أن استعمال صيغة الأمر في الندب كان شائعا في عرفهم ؛ بحيث صار من المجازات الراجحة المساوي احتمالها من اللفظ ؛ لاحتمال الحقيقة عند انتفاء المرجح الخارجي ، فيشكل التعلق في إثبات وجوب أمر بمجرد ورود الأمر منهم «عليهمالسلام») (١). انتهى.
وحاصل اعتراض المصنف عليه وجوابه عنه هو : أن كثرة استعمال الأمر في الندب في الكتاب والسنة وغيرهما ؛ لا توجب نقل الأمر إلى الندب أو حمله عليه ، وهذا الجواب من المصنف عن كلام المعالم يرجع إلى وجوه ثلاثة : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ١ ، ص ٤٤٢» ـ.
الوجه الأول : أن مجرد كثرة الاستعمال في المعنى المجازي لا يوجب النقل إليه ؛ بحيث يصير المنقول إليه معنى حقيقيا. ولا يوجب الحمل عليه ترجيحا له على المعنى الحقيقي ؛ لأن النقل منوط بمهجورية المعنى الحقيقي المنقول عنه ، والحمل على المعنى المجازي المشهوري موقوف على قلة الاستعمال في المعنى الحقيقي ، ومن المعلوم : عدم
__________________
(١) معالم الدين ، ص ٧٤.