المبحث الخامس :
إن إطلاق الصيغة (١) هل يقتضي كون الوجوب توصليا فيجزي إتيانه مطلقا ، ولو
______________________________________________________
الترك هو عين الطلب وليس أمرا زائدا كي يحتاج إلى مئونة البيان ، فلا مانع من الركون في بيانه إلى ما يدل على جامع الطلب وهو الصيغة.
٣ ـ رأي المصنف «قدسسره» : إن صيغة الأمر لا تكون ظاهرة في الوجوب على ؛ فرض عدم ثبوت وضعها له.
نعم ؛ فيما كان المتكلم بصدد البيان : كان مقتضى مقدمات الحكمة الحمل على الوجوب ؛ وذلك لأن الوجوب طلب أكيد فهو محض الطلب جنسا وفصلا ، والندب طلب ضعيف فهو طلب جنسا لا فصلا. فالصيغة الدالة على الجامع أي : الطلب تناسب الوجوب دون الندب ، فالمتكلم في مقام بيان تمام المراد كما هو ظاهر حاله ـ إذا لم ينصب قرينة الندب وليس في البين متيقن ـ كان إرادة الندب منافيا لكونه في مقام البيان ، بخلاف إرادة الوجوب فإنه كفى بيانا له ذكر الصيغة الدالة على الجامع. انتهى الكلام في الخلاصة.
في التعبدي والتوصلي
(١) قبل الدخول في البحث ينبغي بيان ما هو محل النزاع والخلاف ، وما هو الغرض من عقد هذا المبحث فنقول :
إنه لا خلاف في أن الواجب في الشرع على قسمين :
منه : ما يكون الغرض منه أن يتقرب العبد إلى المولى ؛ كالصلاة والصوم والحج وغير ذلك من العبادات. وهذا القسم من الواجب يسمى بالتعبدي أي : ما لا يحصل الغرض منه ، ولا يسقط الأمر به إلّا إن يؤتى به على وجه التقرب إلى المولى.
ومنه : ما أمر به لمجرد مصالح فيه ، وليس الغرض منه التقرب إلى المولى ، فإن أتى به متقربا به وامتثالا لأمره يحصل به القرب والثواب ، وإن لم يؤت به كذلك ، بل أتى بداع آخر يحصل به الغرض ويسقط الأمر وإن لم يحصل به القرب والثواب أصلا ؛ كما في دفن الميت وتكفينه وتوجيهه إلى القبلة وغير ذلك من الواجبات التوصلية.
إذا عرفت ما ذكرناه فاعلم : أن محل النزاع والغرض من عقد هذا المبحث أنه : هل يكون للصيغة إطلاق رافع للشك في التعبدية والتوصلية بمعنى : هل هناك أصل لفظي أي : إطلاق يقتضي كون الوجوب توصليا فيجزي إتيان الواجب ؛ سواء كان مع القربة أم