وتوهم (١) : إمكان تعلق الأمر بفعل الصلاة بداعي الأمر ، وإمكان الإتيان بها بهذا الداعي ؛ ضرورة : إمكان تصور الأمر بها مقيدة ، والتمكن من إتيانها كذلك بعد تعلق الأمر بها ، والمعتبر من القدرة المعتبرة عقلا في صحة الأمر إنما هو في حال الامتثال لا حال الأمر واضح الفساد (٢). ضرورة : إنه وإن كان تصورها كذلك بمكان من
______________________________________________________
ومن الضروري اعتبار القدرة عقلا في متعلق التكليف.
(١) قد حاول المتوهم الجواب عن كلا الإشكالين ؛ أي : الدور ولزوم التكليف بغير المقدور. أما الجواب عن إشكال الدور : فلأن الدور يتوقف على وجود المتعلق خارجا لا تصورا ، وقد عرفت : لزوم الدور ، فيقال في تقريبه ثانيا : إن الأمر بالصلاة المقيدة بقصد القربة يتوقف على وجود متعلقه الذي منه قصد القربة ، ومن المعلوم : توقف قصدها على الأمر ، فالأمر متوقف على المتعلق المقيد بقصد امتثال الأمر ، وهو متوقف عليه هذا إذا كان اللازم وجود المتعلق خارجا.
وأما إذا كان وجود المتعلق تصورا كافيا في تعلق الأمر فلا يلزم الدور ؛ إذ يمكن أن يتصور الآمر موضوع الحكم ـ أعني : الصلاة المقيدة بداعي طبيعة الأمر لا شخصه ومصداقه ـ ثم يأمر فلا محذور حينئذ في دخل قصد القربة في المتعلق ؛ لأن تصور الآمر الطبيعة الكلية مقيدة بامتثالها بداعي أمرها لا يتوقف على وجود الأمر في الخارج حتى يلزم الدور.
وأما الجواب عن الإشكال الثاني وإثبات القدرة على الامتثال : فلأن القدرة المصححة للأمر إنما هي القدرة على المتعلق في ظرف الامتثال ؛ لا في ظرف الأمر ، ومن المعلوم : أن المكلف قادر على الإتيان بداعي امتثال الأمر ، فقوله : «ضرورة إمكان تصور الآمر لها» تعليل لدفع توهم الدور ، كما أن قوله : «والتمكن من إتيانها كذلك» تعليل لدفع توهم عدم قدرة العبد على الامتثال.
فملخص الكلام : أن الشرط في حسن الخطاب هو القدرة والتمكن حين الامتثال لا حين الأمر أو قبله ، والمفروض : وجود القدرة حين الامتثال لأنه بعد الأمر بالصلاة المقيدة تكون الصلاة مأمورا بها ، فيمكن للمكلف الإتيان بها لأمرها ؛ لأن العقل لم يكن قاضيا بأزيد من اعتبار القدرة حال الامتثال ؛ لاندفاع قبح التكليف بذلك.
(٢) خبر لقوله : «وتوهم ...» إلخ ، وجواب عنه.
وحاصل ما أفاده المصنف في الجواب عن التوهم المذكور : أن ما ذكره في دفع إشكال الدور ؛ من أن الآمر يتصور الصلاة مقيدة بداعي الأمر ـ وإن كان بمكان من