إن قلت (١) : نعم ؛ لكنه إذا أخذ قصد الامتثال شرطا ، وأما إذا أخذ شطرا ، فلا محالة نفس الفعل الذي تعلق الوجوب به مع هذا القصد يكون متعلقا للوجوب ؛ إذ (٢) المركب ليس إلّا نفس الأجزاء بالأسر ويكون تعلقه بكلّ بعين تعلقه بالكل ، ويصح أن يؤتى به (٣) بداعي ذلك الوجوب ؛ ضرورة : صحة الإتيان بأجزاء الواجب بداعي وجوبه (٤).
______________________________________________________
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : إنه لا يتعلق الأمر الضمني بالمقيد ولا بالقيد في باب المقيد والقيد ؛ بل هما يلاحظان وجودا واحدا له وجوب واحد ، والمقام من هذا القبيل ؛ فالقول بالانحلال في المقام باطل.
(١) أي : إن قلت : سلمنا عدم الانحلال إلى أمرين أي : أمر يتعلق بالذات ، وأمر متعلق بالتقييد ؛ ولكن إنما يتم ذلك فيما إذا أخذ قصد القربة شرطا ؛ لأن انحلال المقيد إلى ذات وقيد يكون عقليا ، فالذات كالقيد حينئذ جزء تحليلي عقلي لا تتصف بالوجوب الضمني.
وأما إذا أخذ قصد الامتثال جزءا فلا محالة ينحل الأمر إلى أوامر عديدة بتعدد الأجزاء ؛ إذ ليس المركب إلّا الأجزاء ، فأمره ينحل بعدد أجزاء المركب إلى أوامر عديدة ، والمفروض : أن ذات المقيد كالقيد جزء للمأمور به ، فتكون متعلقة للأمر الضمني.
وملخص الكلام في توضيح الإشكال : أنّا نفرض الصلاة مع داعي الأمر من قبيل جزءين خارجيين للمركب ؛ لا من قبيل جزءين تحليليين ، فينحل الأمر بالمركب إلى أمرين ضمنيين ، فللصلاة حينئذ أمر ضمني ويتمكن المكلف من الإتيان بها بداعي هذا الأمر الضمني.
(٢) أي : قوله : «إذ المركب» ؛ تعليل لتعلق الوجوب بالفعل الذي تعلق به الوجوب مقيدا بقصد الامتثال كالصلاة ، «ويكون تعلقه بكل» أي : تعلق الوجوب بكل جزء «بعين تعلقه» أي : الوجوب «بالكل».
(٣) أي : بنفس الفعل بداعي الوجوب المتعلق بالكل ، وهو الفعل المقيد بامتثال أمره.
(٤) أي : وجوب الواجب بأن يأتي المكلف بكل جزء بداعي وجوب الواجب ، ويمكن الاستدلال عليه بالقياس الاقتراني بأن يقال : ذات الفعل جزء من الواجب ، وكل جزء من أجزاء الواجب يجوز إتيانه بداعي وجوب نفسه ، فينتج : أن ذات الفعل يجوز إتيانها بداعي وجوب نفسها.
إلّا إن الاستدلال المذكور يتوقف على أمرين : الأول : أن يكون ذات الفعل جزءا لا قيدا. والثاني : كلية الكبرى ؛ بأن يثبت أن كل جزء ـ سواء كان مستقلا أو في ضمن الواجب ـ يجوز إتيانه بقصد وجوب نفسه ، ويأتي من المصنف بطلان كلية الكبرى.