والعقوبات ، بخلاف ما عداها (١) ، فيدور فيه خصوص المثوبات ، وأما العقوبة : فمترتبة على ترك الطاعة ومطلق الموافقة أن الأمر (٢) الأول : إن كان يسقط بمجرد موافقته ، ولو لم يقصد به الامتثال ، كما هو قضية الأمر الثاني فلا يبقى مجال لموافقة الثاني مع
______________________________________________________
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «أن الأمر الأول ...» إلخ ، وهو راجع إلى منع الكبرى أعني : عدم الحاجة إلى الأمر الثاني.
وحاصل الكلام في الوجه الأول : أننا نقطع بعدم تعدد الأمر ؛ إذ لا فرق بين الواجبات التعبدية والتوصلية في كونها ذات أمر واحد كما أشار إليه بقوله : «بأنه ليس في العبادات إلّا أمر واحد كغيرها» أي : كغير العبادات أي : ليس للشارع إلّا طريقة واحدة ؛ وهي : صدور أمر واحد في العبادات وغيرها ، وليست طريقته صدور أمرين في التعبديات ، وصدور أمر واحد في التوصليات ، والفرق بينهما ؛ أولا : في دوران الثواب والعقاب في العبادات مدار الامتثال أمرها وعدمه ، ودوران الثواب فقط في التوصليات مدار الامتثال أي : الإتيان بقصد القربة.
وأما العقاب : فلا يترتب على ترك الامتثال ، بل فيها على ترك الواجب ؛ لإمكان سقوطه بإتيانه بغير داع قربي ، فإن الواجب يسقط حينئذ مع عدم الامتثال ولا يترتب عليه العقاب أيضا ، لتحقق الواجب المانع عن استحقاق العقاب كالتطهير بالماء المغصوب ، فإن الثوب أو البدن يطهر ولا يترتب العقاب إلّا على الغصب.
وقد أشار إلى ما ذكرناه من الفرق بقوله : «غاية الأمر : يدور مدار الامتثال وجودا وعدما فيها» أي : في العبادات «المثوبات والعقوبات» أي : المثوبات والعقوبات فاعل «يدور».
(١) أي : بخلاف ما عدا العبادات ، «فيدور فيه خصوص المثوبات» ، وهناك فرق آخر وهو : أن الأمر في التعبديات لا يسقط عن ذمة المكلف بدون قصد القربة ؛ بخلاف التوصليات فأمرها يسقط بدونه ولكن الثواب فيها يدور مدار قصد القربة وجودا وعدما ، كما أن العقاب في التعبديات يدور مدار عدم قصد القربة بفعلها أو يدور مدار تركها رأسا فتدبر.
وكيف كان ؛ فتعدد الأمر يكون على خلاف الواقع. هذا خلاصة منع الصغرى.
(٢) هذا هو الوجه الثاني ، وهو المقصود بالأصالة في الجواب عن الإشكال. توضيحه يتوقف على مقدمة وهي : أن الأمر لا يخلو من أحد احتمالين :
أحدهما : حصول الغرض الداعي إليه بمجرد إتيان متعلقه بدون قصد الامتثال بأن يكون متعلقه واجبا توصليا.