على عدم اعتباره كما هو أوضح من أن يخفى ، فلا يكاد يصح التمسك به إلّا فيما يمكن اعتباره فيه.
فانقدح بذلك (١) : أنه لا وجه لاستظهار التوصلية من إطلاق الصيغة بمادتها ، ولا لاستظهار عدم اعتبار مثل الوجه مما هو ناشئ من قبل الأمر من إطلاق المادة في العبادة لو شك في اعتباره فيها (٢).
______________________________________________________
القيود التي يمكن شرعا اعتبارها في المأمور به ، بشرط كون الإطلاق في مقام البيان. وقد عرفت : أن قصد القربة بمعنى : امتثال الأمر ليس مما يمكن اعتباره في المأمور به.
والحاصل : أن الإطلاق والتقييد من باب العدم والملكة ، وهما يحتاجان إلى الموضوع القابل ومتعلق التكليف ؛ حيث لم يكن قابلا للإطلاق ، فلا يصح التمسك بإطلاق دليل المأمور به إلّا في القيود التي يمكن اعتبارها في المأمور به.
(١) أي : انقدح بالذي ذكرناه من عدم جواز التمسك بالإطلاق : «أنه لا وجه لاستظهار التوصلية من إطلاق الصيغة بمادتها» ، وإنما قال «بمادتها» لأن المادة هي متعلق التكليف.
قال في «الوصول إلى كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ٤٥٣» ما هذا لفظه : «بيانه : أن التكليف قد يستفاد من الجملة الخبرية نحو : يجب عليك الصلاة ونحوها ، وقد عرفت أن المكلف به هي الصلاة التي قد يطلق عليها الموضوع وقد يطلق عليها متعلق التكليف.
وقد يفرق بينهما : بأن الموضوع هو الذي أخذ مفروض الوجود في متعلق الحكم ؛ كالعاقل البالغ. والمتعلق هو : ما يطالب العبد به من الفعل أو الترك كالصلاة والزنا ، وقد يستفاد التكليف من صيغة الأمر ونحوها كقوله : صل ، فالوجوب أو الحرمة المستفادان من الهيئة حكم ، والمادة التي تعلق بها الهيئة وطولبت من العبد كالصلاة في المثال موضوع ومتعلق للتكليف.
ثم إن الإطلاق والتقييد قد يكونان بالنسبة إلى الهيئة ؛ فإن «صلّ» مطلق ، و «حج إن استطعت» مقيد ؛ إذ الوجوب في الأول : لم يقيد بالاستطاعة ، وفي الثاني : قيد بها ، وقد يكونان بالنسبة إلى المادة ؛ فنحو : «صل الظهر مع الطهارة» مقيد ، و «صل على الميت» مطلق ؛ إذ المادة ـ أعني الصلاة في الأول ـ مقيدة بالطهارة ، فالصلاة مع الطهارة واجبة ، وفي الثاني مطلق من حيث الطهارة ، وكما لا وجه لاستظهار التوصلية من إطلاق المادة كذا لا وجه لاستظهار عدم اعتبار مثل قصد الوجه أعني : قصد الوجوب والندب وغيره ؛ مما هو ناشئ من قبل الأمر من إطلاق المادة في العبادة». انتهى.
(٢) أي : في العبادات.