وإن لم يكن له دخل في متعلق أمره ، ومعه سكت في المقام ، ولم ينصب دلالة على دخل قصد الامتثال في حصوله ؛ كان هذا قرينة على عدم دخله في غرضه ، وإلّا لكان سكوته نقضا له وخلاف الحكمة ، فلا بد عند الشك وعدم إحراز هذا المقام من الرجوع إلى ما يقتضيه الأصل ، ويستقل به العقل.
فاعلم : أنه لا مجال ـ هاهنا (١) ـ إلّا لأصالة الاشتغال ، ولو قيل بأصالة البراءة فيما إذا دار الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين ؛ وذلك (٢) لأن الشك هاهنا في الخروج
______________________________________________________
المتكلم قرينة على دخل قصد امتثال الأمر في حصول غرضه كان عدم النصب قرينة على عدم دخله في غرضه ؛ وإلّا لكان سكوته نقضا لغرضه وخلاف الحكمة فلا بد حينئذ عند الشك وعند عدم إحراز هذا المقام من الرجوع إلى ما يقتضيه العقل ، ويستقل به ، إذ المفروض : فقدان الدليل الاجتهادي من الإطلاق اللفظي أو الإطلاق المقامي ، ولكن الأصل الذي يرجع إليه عند الشك في تعبدية الواجب وتوصليته هو الاشتغال العقلي ؛ لأن الشك فيهما يرجع إلى الشك في سقوط أمر المولى وامتثال أمره بعد العلم بثبوت الأمر ؛ لا إلى الشك في أصل التكليف وثبوت أمر المولى وعدم ثبوته ؛ كي يرجع إلى أصالة البراءة ، وليس الشك فيهما من قبيل الشك في المأمور به أو شرطه ، كي تندرج مسألة التعبدية والتوصلية في الأقل والأكثر الارتباطيين ؛ لما تقدم من عدم إمكان أخذ قصد القربة في المأمور به شرطا أو شطرا كي يرجع فيه إلى الاشتغال أو البراءة على اختلاف الرأيين ، بل قصد القربة من كيفيات الإطاعة للمولى ، ولا تناله يد الجعل أبدا حتى يكون الشك مجرى لأصالة البراءة.
فلا بد حينئذ من الالتزام بجريان قاعدة الاشتغال هنا ، وإن قلنا بجريان البراءة في الأقل والأكثر الارتباطيين لوجود شرط البراءة في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين ؛ وهو الشك في التكليف بالنسبة إلى الأكثر ، وفقدانه هنا كما لا يخفى. هذا ما أشار إليه بقوله : «فاعلم : أنه لا مجال هاهنا إلّا لأصالة الاشتغال ...» إلخ.
(١) أي : في اعتبار قصد الامتثال.
(٢) أي : إشارة إلى الفرق بين المقام وبين الأقل والأكثر الارتباطيين ، وقد عرفت الفرق بين المقامين ضمنا.
وتوضيح ذلك تفصيلا يتوقف على مقدمة ، وهي : أن الشك على قسمين :
«الأول» : أن يكون الشك في نفس التكليف : كأن يتردد أمر الصلاة بين كونها مع الاستعاذة أو بدونها.
«الثاني» : أن يكون الشك في الامتثال : كأن يعلم بوجوب الصلاة وخصوصياتها من