المبحث السادس :
قضية إطلاق الصيغة (١) كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا ؛ لكون كل واحد مما يقابلها يكون فيه تقييد الوجوب وتضييق دائرته ، فإذا كان في مقام البيان ، ولم ينصب
______________________________________________________
مقتضى إطلاق الصيغة
(١) الغرض من عقد هذا المبحث : بيان ما هو مقتضى إطلاق الصيغة. يقول المصنف : إن قضية إطلاق الصيغة كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : الفرق بين كل من الوجوب النفسي والتعييني والعيني ، وما يقابل كل واحد منها.
وخلاصة الفرق : أن الوجوب الغيري المقابل للنفسي هو وجوب شيء لوجوب غيره ، كوجوب الوضوء الذي يقيد بوجوب الصلاة.
والوجوب التخييري المقابل للوجوب التعييني هو : وجوب شيء مع بدل ، فهو مقيد بما إذا لم يأت بالعدل والبدل ؛ نحو : خصال الكفارة.
والوجوب الكفائي المقابل للوجوب العيني هو : وجوب شيء يسقط بفعل الغير ، فهو مقيد بعدم إتيان المكلف الآخر ؛ كدفن الميت المسلم.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن مقتضى إطلاق الصيغة هو كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا ، وذلك لأن لكلّ ما يقابلها قيد وجودي. وأما الوجوب النفسي التعييني العيني : فكان وجوب شيء بلا أحد القيود ، فإذا تمت مقدمات الحكمة فإطلاق الصيغة يقتضي كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا ، لأن كل ما يقابلها يحتاج إلى مئونة زائدة كما عرفت ، هذا من دون فرق بين القول بأن مفاد هيئة الصيغة هو إنشاء مفهوم الطلب ، وبين القول بأن هيئة الصيغة لإنشاء النسبة وإيجاد مصداق الطلب ؛ بناء على إيجادية المعاني الحرفية.
وأما على الأول : فلأن الطلب المنشأ بالصيغة لما كان هو المفهوم ، فإطلاقه يقتضي عدم تقيده بقيد ؛ من كون الطلب مقيدا بطلب آخر ومترشحا منه ليكون الوجوب غيريا ، ومن وجوب غيره عدلا له ليكون تخييريا ، ومن عدم إتيان غيره به ليكون كفائيا ، فإن كل واحد من هذه الأمور قيد له يرتفع بالإطلاق.
وأما على الثاني : فلكفاية الإطلاق المقامي في استظهار النفسية وغيرها من الصيغة ، فعلى كل حال يصح أن يقال : إن إطلاق الصيغة يقتضي النفسية والعينية والتعيينية ، فإن الغيرية تقييد في الوجوب لكونه منوطا ـ بوجوب غيره ، والتخييرية ـ التي هي جعل