والتحقيق (١) : أنه لا مجال للتشبث بموارد الاستعمال ، فإنه قل مورد منها يكون خاليا عن قرينة على الوجوب أو الاباحة أو التبعيّة ، ومع فرض التجريد عنها ، لم يظهر بعد كون عقيب الحظر موجبا لظهورها في غير ما تكون ظاهرة فيه. غاية الأمر : يكون موجبا لإجمالها ، غير ظاهر في واحد منها إلّا بقرينة أخرى ، كما أشرنا (٢).
______________________________________________________
(١) التحقيق عند المصنف عدم صحة الأقوال التي ذكرها.
وحاصل ما أفاده المصنف في المقام : أنه لا دليل للقائلين بالإباحة والوجوب والتبعية إلّا موارد الاستعمال ؛ حيث تشبث كل واحد من أصحاب الأقوال المذكورة بجملة من موارد الاستعمال ، ولا مجال للتشبث بموارد الاستعمال ؛ لأن المدعى هو : كون نفس الوقوع عقيب الحظر قرينة على الاباحة أو التبعية أو غيرهما ، وليس الأمر في موارد الاستعمال كذلك لاحتفافها بالقرائن الخاصة كما أشار إليه بقوله : «فإنه قلّ مورد منها يكون خاليا عن قرينة على الوجوب ...» إلخ ، فلم تثبت دلالتها على كون مجرد وقوع الأمر بعد الحظر قرينة على ما ادعوه من الأقوال المذكورة.
فالاستدلال بموارد الاستعمال على تلك الأقوال ضعيف جدا ، فلا بد حينئذ إما من الالتزام بظهور الصيغة فيما كانت ظاهرة فيه قبل وقوعها عقيب الحظر أو الالتزام بإجمالها ، وعدم الحمل على شيء من المعاني المذكورة إلّا بقرينة خاصة ؛ كما أشار إليه بقوله : «إلّا بقرينة أخرى» أي : غير وقوعها عقيب الحظر ، فالقرينة الأخرى هي التي تعيّن المراد.
فإرادة أحد المعاني المذكورة منوطة بقرينة معيّنة له.
(٢) أي : أشرنا إلى وجود القرينة الخاصة في موارد الاستعمال.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
١ ـ محل النزاع هو ورود الأمر الظاهر في الوجوب عقيب الحظر.
٢ ـ والأقوال في هذا المورد وإن كانت كثيرة إلّا إن المصنف ذكر المهم منها وهي ثلاثة :
الأول : أن الأمر الواقع عقيب الحظر ظاهر في الاباحة.
الثاني : أنه ظاهر في الوجوب.
الثالث : أنه ظاهر في الحكم السابق على التحريم من وجوب أو إباحة أو غيرهما ؛ إن علق الأمر على زوال علة النهي.
٣ ـ والتحقيق في المقام : أنه لا دليل على تلك الأقوال ؛ بل كل مورد لا يكون خاليا