المبحث الثامن :
الحق : أن صيغة الأمر مطلقا لا دلالة لها على المرة ولا التكرار ، فإن (١) المنصرف عنها ليس إلّا طلب إيجاد الطبيعة المأمور بها ، فلا دلالة لها على أحدهما ، لا بهيئتها ولا بمادتها ، والاكتفاء (٢) بالمرة ...
______________________________________________________
عن القرينة الخاصة ؛ على ما هو المراد من الوجوب أو الإباحة أو التبعية. وعدم القرينة الخاصة على تعيين المراد موجب لإجمالها.
٤ ـ رأي المصنف : هو قيام القرينة الخاصة على تعيين ما هو المراد ، وعلى فرض التجريد عنها تصبح صيغة الأمر مجملة ، فلا بد حينئذ من الرجوع إلى الأصل العملي من البراءة أو الاستصحاب.
في المرة والتكرار
ومحل الكلام : ما إذا لم تكن صيغة الأمر مقيدة بمرة أو تكرار ؛ فاختلفوا على أقوال ، وقد ذهب جمع من المحققين إلى عدم دلالة الصيغة على أحدهما. وآخرون : إلى أنها تفيد التكرار. وثالث : إلى المرة ، ورابع : إلى اشتراكها بينهما ، وخامس : إلى الوقف. وحيث إن هذه الأقوال الأربعة الأخيرة بمعزل عن التحقيق أضرب المصنف عنها ، وبيّن ما هو الحق عنده بقوله : «الحق : أن صيغة الأمر مطلقا» أي : حال كونها غير مقيدة بمرة أو تكرار «لا دلالة لها» أي : لصيغة الأمر «على المرة ولا التكرار».
(١) قوله : «فإن المنصرف عنها» ؛ تعليل لعدم دلالة صيغة الأمر على المرة والتكرار.
وحاصل التعليل : أن لصيغة الأمر هيئة ومادة ، ومفاد الهيئة هو : التكليف. ومفاد المادة هو : المكلف به ، فهي لا تدل بشيء من هيئتها ومادتها على المرّة والتكرار لأن مدلولها المادي هو : نفس الصلاة بلا قيد أصلا ، ومدلولها الهيئتي هو : طلب إيجاد الصلاة فقط ، فلا بد في استفادة المرة أو التكرار من قرينة خارجية.
(٢) هذا دفع للتوهم بتقريب : أن تحقق الامتثال بالمرة دليل على دلالة الصيغة عليها.
وحاصل الدفع : أن الاكتفاء بالمرة في تحقق الامتثال ليس لأجل دلالة الصيغة عليها ؛ بل لحكم العقل حيث إن انطباق الطبيعي على فرده قهري ، فيوجد الطبيعي المأمور به بفرده جزما ، فيحكم العقل بالإجزاء ، لأن المطلوب بالصيغة إيجاد الطبيعة الواقعة في حيّز الطلب ، وقد حصل ذلك بأوّل وجودها ، فلا بد حينئذ من الالتزام بالإجزاء وإلّا فلا