بملاحظته وضع نوعيا أو شخصيا سائر الصيغ التي تناسبه ؛ مما جمعه معه مادة لفظ متصورة في كل منها ومنه بصورة ومعنى ؛ كذلك هو المصدر أو الفعل ، فافهم (١).
ثم المراد (٢) بالمرة والتكرار هل هو الدفعة والدفعات؟ أو الفرد والأفراد؟
______________________________________________________
مثلا وضع الواضع كلمة ـ الضرب ـ للحدث المنسوب إلى فاعل ما شخصيا ، ثم بملاحظته وضع هيئة ـ ضرب ـ نوعيا للفعل الماضي من كل مادة ؛ وإن كانت مؤلفة من حروف أخرى مثل ـ ن ص ر ـ فمعنى كون المصدر أصلا هو : إن ما يتصور أولا من مادة ـ ض ر ب ـ أو ـ ن ص ر ـ مثلا بصورة ، ثم تتصور بصور أخرى هو المصدر كما عليه البصريون ، أو الفعل كما عليه الكوفيون ، وليس معناه : كون المصدر بمادته وهيئته مادة للمشتقات ، وذلك من الأغلاط الواضحة ؛ وذلك لعدم انحفاظ المصدر لا بهيئته ولا بمعناه في المشتقات لمباينته لها هيئة ومعنى.
وكيف كان ؛ فوضع المصدر شخصي مطلقا ووضع المشتقات شخصي باعتبار مادتها. ونوعي بلحاظ هيئتها.
قوله : «سائر الصيغ» نائب فاعل عن «وضع» مبني للمفعول ، و «مما جمعه» بيان «سائر الصيغ».
قوله : «مادة لفظ ...» إلخ فاعل جمعه أي : كانت الجهة الجامعة بين الموضوع أولا وسائر الصيغ مادة اللفظ ، فهما مشتركان فيها ، كما في «الوصول ، ج ١ ، ص ٤٧٥».
(١) لعله إشارة إلى وجوب حمل كلامهم على ما ذكر من : أن المراد بالأصل هو الأصل بمعنى : المقيس عليه في مقام الوضع ؛ بمعنى : أن الواضع وضع أولا المصدر ، ثم قاس سائر المشتقات عليه وذلك بقرينة دعوى الكوفيين بأن الفعل هو الأصل ؛ إذ لا يمكن أن يراد منه : أن الفعل مادة للمشتقات بالمعنى الحقيقي.
وكيف كان ؛ فإنه لا بد من توجيه كلامهم : بأن المصدر أصل في الكلام بما ذكر ؛ لامتناع أن يكون المصدر بمادته وهيئته مادة للمشتقات ، كما يمتنع أن يكون الفعل كذلك.
(٢) أي : المراد بالمرّة والتكرار هل هو المرّة بمعنى الدفعة أو الفرد ، والتكرار بمعنى الدفعات أو الأفراد.
وبعبارة أخرى : أنه فرق بين الفرد والأفراد ، وبين الدفعة والدفعات ؛ إذ الفرد : عبارة عن وقوع الفعل غير متعدد ـ سواء كان في زمان واحد أو في أزمنة متعددة كما في الفرد الممتد ـ والأفراد : عبارة عن وقوع الفعل متعددا ؛ من غير فرق في الزمان بين الواحد والمتعدد أيضا ، والدفعة : عبارة عن وقوع الفعل في زمان واحد متعددا كان الفعل أو غير