على التكرار فلا يخلو الحال : إما أن لا يكون هناك إطلاق الصيغة في مقام البيان ؛ بل في مقام الإهمال أو الإجمال فالمرجع هو الأصل. وإمّا أن يكون إطلاقها في ذلك المقام فلا إشكال في الاكتفاء بالمرة في الامتثال ؛ وإنما الإشكال في جواز أن لا يقتصر عليها (١) ؛ فإن لازم إطلاق الطبيعة المأمور بها هو الإتيان بها مرة أو مرارا لا لزوم الاقتصار على المرة ، كما لا يخفى.
والتحقيق : (٢) أن قضية الإطلاق : إنما هو جواز الإتيان بها مرة في ضمن فرد أو أفراد ، فيكون إيجادها (٣) في ضمنها نحوا من الامتثال كإيجادها في ضمن الواحد ؛
______________________________________________________
وجه الإشكال من سقوط الأمر بالطبيعة بالإتيان بها مرة : لاحتمال كون المرة مشروطة بشرط لا ، فإيجادها ثانيا تشريع محرم لخلوه عن الأمر.
ومن أن المفروض كون إطلاق الصيغة في مقام البيان ، فيجوز الإتيان بالطبيعة ثانيا وثالثا ، نظرا إلى الإطلاق ، فلازم ذلك : الإتيان بالطبيعة غير مرة ، ولكن قد ناقش المصنف في إطلاق الصيغة بقوله : «والتحقيق ...» إلخ.
(١) أي : على المرة بأن يأتي بالطبيعة مرة أخرى فقد يتوهم ويقال : بجواز الإتيان بالطبيعة أكثر من مرة بقصد امتثال الأمر ، فإن لازم إطلاق الطبيعة الملقاة على المخاطب المأمور بها هو الإتيان بها مرة واحدة أو مرات عديدة ، لأن جميع أفراد الطبيعة مأمور بها لأجل الأمر بالطبيعة ، فلا مانع من الإتيان بما هو زائد على المرة. هذا غاية ما يمكن أن يقال في وجه القول بجواز المرة والتكرار ، وعدم لزوم الاقتصار على المرة.
(٢) أي : التحقيق خلاف ما ذكر ؛ من جواز التكرار بمقتضى الإطلاق ، إذ مع الإتيان الأول لا يبقى مجال للإتيان الثاني بمقتضى الإطلاق ؛ لأن قضية الإطلاق أي : إطلاق الطبيعة المأمور بها وعدم تقييدها ليست جواز الإتيان بها أكثر من مرة ؛ بل جواز الإتيان بها مرة واحدة. غاية الأمر : أن المكلف مخير في الإتيان بها بين الإتيان بها في ضمن فرد ، أو في ضمن أفراد أي : الأفراد العرضية ، فيكون المراد بالمرة الدفعة.
(٣) أي : فيكون إيجاد الطبيعة المأمور بها في ضمن أفرادها العرضية نحوا من الامتثال ؛ كإيجاد الطبيعة في ضمن الفرد الواحد حيث يكون نحوا من الامتثال بلا إشكال أصلا. هذا هو مقتضى إطلاق الطبيعة المأمور بها. وليس مقتضى الإطلاق جواز الإتيان بالطبيعة المأمور بها مرة ومرات كما قيل ؛ إذ يسقط الأمر بالإتيان بها مرة واحدة فيما إذا كان امتثال الأمر علة تامة لحصول الغرض ، فلا معنى للإتيان ثانيا مع سقوط الأمر ؛ لأجل حصول الغرض منه.