أو يتوضأ فأتى به ، ولم يشرب أو لم يتوضأ فعلا فلا يبعد صحة تبديل الامتثال بإتيان فرد آخر أحسن منه (١) ، بل مطلقا ، كما كان له (٢) ذلك قبله ، على ما يأتي بيانه في الإجزاء.
______________________________________________________
(١) أي : الأفضل من الفرد الأول «بل مطلقا» أي : ولو كان مساويا ، أو أدون من الفرد الأول. هذا كله في مقام الثبوت ، وأما في مقام الإثبات : فلا يمكن قصد التبديل إلّا مع القطع ببقاء الغرض ، وعدم كون إبطال الأول مضرا.
(٢) أي : كما كان للمكلف جواز الإتيان بالفرد اللاحق قبل إتيانه بالفرد السابق.
والمتحصل من جميع ما ذكرناه : أنه هل يمكن الامتثال بعد الامتثال أم لا؟ فيه وجوه. ثالثها : التفصيل بين بقاء الغرض الأقصى وعدمه ، وهذا التفصيل هو مختار المصنف «قدسسره» وقد عرفت وجه ذلك.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
المبحث الثامن يتلخص في أمور :
١ ـ محل الكلام : فيما لم تكن صيغة الأمر مقيدة بمرة أو تكرار. فاختلفوا على أقوال :
١ ـ أنها تفيد التكرار.
٢ ـ أنها تدل على المرة.
٣ ـ أنها مشتركة بين المرة والتكرار.
٤ ـ أنها لا تدل على شيء منهما.
فإن المنصرف منها ليس إلّا طلب إيجاد نفس الطبيعة المأمور بها ، والاكتفاء بالمرة ليس دليلا على دلالتها على المرة ؛ بل إنما هو لحصول الامتثال بها.
٢ ـ ردّ المصنف على الفصول : حيث خص صاحب الفصول محل النزاع بهيئة صيغة الأمر بدعوى : أن مادة المشتقات وهو المصدر ؛ الذي دلالته على مطلق الحدث من دون المرة والتكرار اتفاقي بين النحاة على ما حكاه السكاكي.
وحاصل ردّ المصنف عليه : هو أن الاتفاق على أن المصدر المجرد عن اللام والتنوين لا يدل إلّا على الماهية وإن كان صحيحا إلّا إنه مما لا يوجب حصر النزاع هاهنا في خصوص الهيئة ؛ وذلك لأن المصدر ليس مادة للمشتقات كي يوجب اتفاقهم على عدم دلالة المصدر ؛ إلّا على الماهية اتفاقهم على عدم دلالة صيغة الأمر أيضا إلّا على الماهية ، بل المصدر بهيئته ومادته أحد المشتقات إذ للهيئة المصدرية دخل في المعنى.