المبحث التاسع : (١)
الحق (٢) : أنه لا دلالة للصيغة ، لا على الفور ولا على التراخي ، نعم ؛ قضية إطلاقها
______________________________________________________
في الفور والتراخي
(١) قبل الخوض في البحث ينبغي بيان محل النزاع وهو : أن الأمر بنفسه مع عدم القرينة الخارجية هل يقتضي الفور بمعنى : المبادرة للامتثال في الزمن الثاني من الخطاب ، أو في أول أزمنة الإمكان؟ كما عن الشيخ الطوسي «قدسسره» وأتباعه ، أو التراخي بمعنى : جواز التأخير ، أو أنه مشترك بينهما؟ كما عن علم الهدى «قدسسره» ، أو أنه لا يدل على شيء منهما وليس مشتركا بينهما؟ كما هو الحق عند المصنف «قدسسره».
ثم ظاهر المصنف وصريح الفصول : أن النزاع في هذا المبحث هو كالنزاع في المبحث السابق ، فعند المصنف يكون جاريا في مجموع الهيئة والمادة ، وعند الفصول يكون جاريا في خصوص الهيئة فقط.
(٢) أي : الحق عند المصنف «قدسسره» هو : عدم دلالة الصيغة على شيء منهما ، وليس ذلك من جهة الاشتراك والحاجة إلى القرينة المعيّنة ؛ بل من أنها لا تدل إلّا على طلب الطبيعة المأمور بها المجردة عن التقييد أصلا.
ولازم ذلك : عدم لزوم الفور ولا التراخي لا شرعا في مقام الجعل ، ولا عقلا في مقام الامتثال.
وأمّا في مقام الجعل : فلخروجهما عن مفاد المادة والهيئة ونحوهما مما يدل على المكلف به والتكليف ؛ إذ لا دلالة للمادة إلّا على الماهية الصادقة بنحو واحد على الأفراد الطولية والعرضية ، ومقتضى إطلاقها : الاجتزاء بكل منهما كما أشار إليه المصنف بقوله : «نعم ؛ قضية إطلاقها» حيث يكون هذا استدراكا من قوله : «لا دلالة للصيغة» بمعنى : أن الصيغة وإن كانت لم تدل بمادتها وهيئتها على وجوب شيء من الفور والتراخي ؛ إلّا إن إطلاقها مع كون المتكلم في مقام البيان دليل على عدم مطلوبية الطبيعة المأمور بها بشيء ؛ من الفور والتراخي ، ولازم ذلك هو : جواز التراخي ؛ هذا دلالة الصيغة من حيث المادة.
وأما من حيث الهيئة التي تدل على التكليف : فهي لا تدل إلّا على البعث نحو المكلف به ، وطلبه على ما هو عليه من السعة ، فلا تقتضي وجوب خصوص فردها السابق زمانا بنحو وحدة المطلوب أو تعدده ، فحينئذ لا مجال لاستفادة الفور من نفس الخطاب لا من جانب المادة ولا من جانب الهيئة ، يقول المصنف : «والدليل عليه» أي :