وكأن (١) ما ورد من الآيات والروايات في مقام البعث نحوه إرشادا إلى ذلك ؛ كالآيات والروايات الواردة في الحث على أصل الإطاعة.
فيكون الأمر فيها (٢) لما يترتب على المادة بنفسها (٣) ولو لم يكن هناك أمر بها ، كما هو الشأن في الأوامر الإرشادية فافهم (٤).
______________________________________________________
إلى حكم العقل ؛ لئلا يلزم تخصيص الأكثر بتقريب : أن العقل كما يستقل بحسن أصل الإطاعة دفعا للعقوبة ، كذلك يستقل بحسن المسارعة إلى الإطاعة فإن كان الواجب مما ثبت من الخارج فوريته ، فحكم العقل بالمسارعة إليه كحكمه بنفس الإطاعة إلزامي ، وإلّا فليس بإلزامي.
فالمتحصل ـ كما في «منتهى الدراية ، ج ١ ، ص ٥٥٢» ـ أنه لا مجال للاستدلال بالآيتين الشريفتين على وجوب الفور في الواجبات.
(١) أي : كأن ما ورد من الآيات والروايات الواردة في مقام البعث ؛ الدالة على البعث نحو الاستباق والمسارعة ، «إرشادا إلى ذلك» أي : إلى الحكم العقلي ، فتكون هاتان الآيتان ـ «كالآيات والروايات الواردة في الحث على أصل الإطاعة» ؛ كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(١) ـ للإرشاد ، نظير الأوامر الباعثة على أصل الإطاعة ؛ كما في آية الإطاعة ، فلا يلزم حينئذ تخصيص الأكثر ، لأن الآيات تدل على رجحان المسارعة والاستباق في الأوامر الواقعية ، أما نفس المسارعة والاستباق فهما نظير الإطاعة والانقياد لا يترتب عليهما ثواب ، كما لا يترتب على تركهما عقاب على ما هو شأن الأوامر الإرشادية ، حيث لا يترتب عليها إلّا ما يترتب على نفس المادة كأمر الطبيب للمريض بشرب الدواء حيث يكون إرشادا إلى ما في شرب الدواء من المصلحة ، فالمصلحة مترتبة على الدواء وإن لم يأمر الطبيب ، فإن المصلحة مترتبة على وجود المادة أي : الدواء ؛ لا على عنوان كونها مأمورا بها ، هذا هو شأن جميع الأوامر الإرشادية ، فحينئذ لا يلزم في المقام تخصيص أصلا فضلا عن كثرته.
(٢) أي : في الآيات والروايات الواردة في الحث على المسارعة.
(٣) أي : بنفس المادة ، مع قطع النظر عن تعلق الأمر بها.
(٤) لعله إشارة إلى : أن الحمل على الإرشادية منوط بعدم كون الفور على تقدير اعتباره من قيود المأمور به شرعا ، إذ يكون حينئذ كالطهارة المعتبرة في الصلاة من حيث كون دخله شرعيا لا عقليا ، كي يكون الأمر به للإرشاد.
__________________
(١) النساء : ٥٩.