كالإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري ؛ بالنسبة إلى الأمر الواقعي ، فالنزاع في الحقيقة في دلالة دليلهما على اعتباره ؛ بنحو يفيد الإجزاء ، أو بنحو آخر لا يفيده.
قلت : نعم (١) ؛ لكنه لا ينافي كون النزاع فيهما ، كان في الاقتضاء بالمعنى المتقدم. غايته : أن العمدة في سبب الخلاف فيهما (٢) إنما هو الخلاف في دلالة
______________________________________________________
(١) أي : نعم ؛ إن النزاع قد يكون في دلالة الدليل.
وقد أجاب المصنف عن الإشكال : بأن وقوع النزاع في دلالة الدليل مسلم لا ينكر ، لكنه لا يتنافى مع كون النزاع الأساسي في أن نفس الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري يؤثر في الإجزاء بلحاظ وفائه بالملاك ، وينضم إليه النزاع الآخر أعني : ما هو مقتضى الدليل.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن النزاع في المقام تارة : يكون كبرويا ؛ بمعنى : أن الإتيان بالمأمور به في كل أمر يجزي عن ذلك الأمر أم لا؟ مثل الإتيان بالمأمور به الواقعي ؛ هل يجزي عن أمر نفسه أم لا؟ فهو يجزي بالإجماع إلا عن أبي هاشم الجبائي وعبد الجبار من العامة ؛ القائلين بعدم الإجزاء ، ولذا قال المصنف : لو كان هناك نزاع.
وهذا النزاع الكبروي يجري في الأمر الاضطراري والظاهري أيضا.
وأخرى : يكون النزاع صغرويا ؛ بمعنى : أن المأمور به بكل واحد من الأمر الاضطراري والظاهري هل هو مأمور به مطلقا أم لا؟
هذا هو النزاع الصغروي ، ثم يقال في النزاع الكبروي فيهما على تقدير كون المأمور به فيهما مأمورا بهما مطلقا ؛ هل يجزي الإتيان بهما عن الأمر الواقعي حتى لا يجب الإتيان به ثانيا لا إعادة ولا قضاء أم لا؟ بمعنى : هل نزّلهما الشارع في مقام تشريعهما منزلة المأمور به الواقعي الأوّلي أم لا؟ فإن دل دليلهما على تنزيلهما كذلك ؛ كان الإتيان بالمأمور بهما مجزيا عن الواقعي وعلة لسقوط الأمر الواقعي الأوّلي.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنّ النزاع في الأمر الاضطراري والظاهري صغروي وكبروي ، فيكون الاقتضاء فيهما بمعنى : الدلالة والكشف نظرا إلى النزاع الصغروي. وبمعنى : العلية والتأثير نظرا إلى النزاع الكبروي ، هذا ما أشار إليه بقوله : «نعم لكنه لا ينافي كون النزاع فيهما كان في الاقتضاء بالمعنى المتقدم» أي : العلية والتأثير.
(٢) أي : في الأمر الظاهري والاضطراري ، بيان ذلك : أن سبب الاختلاف في