ثالثها (١):
الظاهر : أن الإجزاء ـ هاهنا ـ بمعناه لغة وهو الكفاية. وإن كان يختلف ما يكفي
______________________________________________________
(١) أي : ثالث الأمور التي ينبغي تقديمها على البحث هو في تفسير كلمة الإجزاء. يقول المصنف «قدسسره» : «الظاهر : أن الإجزاء هاهنا بمعناه لغة وهو الكفاية ؛ وإن كان يختلف ما يكفي عنه».
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن للإجزاء معنيين :
الأول : اللغوي العرفي. الثاني : الاصطلاحي.
والفرق بينهما : أن الأول : «هو الكفاية وإن كان يختلف ما يكفي عنه» ؛ بمعنى : أن الإتيان بالمأمور به الواقعي يكفي فيسقط به التعبد به ثانيا ، والإتيان بالمأمور به الاضطراري أو الظاهري يكفي فيسقط به التدارك ثانيا إعادة وقضاء.
والثاني : هو سقوط التعبد ثانيا في الأمر الواقعي. وسقوط الإعادة والقضاء في الأمر الاضطراري أو الظاهري.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه قد توهم المتوهم بأن الإجزاء في المقام هو بمعنى الاصطلاحي ، فيختلف معناه بحسب الموارد ، فإن الإجزاء في مورد الأمر الواقعي مغاير للإجزاء في مورد الأمر الظاهري أو الاضطراري على ما سبق في المقدمة.
ثم غرض المصنف من عقد هذا الأمر الثالث ؛ هو دفع هذا التوهم وحاصله : أنه لم يثبت للإجزاء معنى اصطلاحي خاص في مقابل معناه اللغوي ؛ ليكون هذا المعنى الاصطلاحي هو المراد منه.
وبعبارة أخرى : ليس للأصوليين فيه اصطلاح جديد ؛ بمعنى : إسقاط التعبد أو القضاء ، فإن ذلك أمر بعيد جدا ، بل المراد منه هو معناه اللغوي وهو الكفاية.
نعم ؛ يختلف ما يكفي عنه ، فإن الإتيان بالمأمور به الواقعي يكفي فيسقط به التعبد به ثانيا ، والإتيان بالمأمور به الاضطراري أو الظاهري يكفي فيسقط به التدارك ثانيا إعادة أو قضاء. فلازم الإجزاء بمعنى الكفاية في الأمر الواقعي هو : سقوط التعبد به ثانيا ، وفي الأمر الاضطراري أو الظاهري هو : سقوط القضاء أو الإعادة. فإجزاء المأتي به ـ في مورد الأمر الاضطراري أو الظاهري ـ عن المأمور به بالأمر الواقعي هو كفايته عما أمر به إعادة وقضاء ، أو قضاء فقط فيما إذا دل الدليل على وجوب الإعادة دونه ، وذلك فيما إذا تذكر في الوقت وجبت الإعادة عليه ، وإذا تذكر في خارج الوقت لم يجب القضاء.
فإجزاء المأتي به عن المأمور به حينئذ هو : كفايته عما أمر به قضاء لا إعادة.