رابعها (١):
الفرق بين هذه المسألة ومسألة المرة والتكرار لا يكاد يخفى ، فإن البحث هاهنا (٢) في أن الإتيان بما هو المأمور به يجزي عقلا بخلافه في تلك المسألة.
فإنه (٣) في تعيين ما هو المأمور به شرعا بحسب دلالة الصيغة بنفسها ، أو بدلالة أخرى.
______________________________________________________
وجه البعد : أن إرادة معنى جديد تحتاج إلى نقل وهو خلاف الأصل.
(١) أي : رابع الأمور التي ينبغي تقديمها قبل البحث في بيان الفرق بين مسألة الإجزاء ومسألة المرة والتكرار ؛ دفعا لتوهم عدم الفرق بينهما ، بتقريب : أن الإجزاء هو القول بالمرة ، وعدم الإجزاء هو القول بالتكرار ، إذ على القول بعدم الإجزاء لا بد من تكرار العمل ، وعلى القول بالإجزاء يكفي المرة ، كما أنه بناء على دلالته على التكرار لا بد من تكرار الفعل ، وعلى القول بالمرة يكفي إتيان الفعل مرة.
فالغرض من عقد هذا الأمر هو : دفع هذا التوهم أي : توهم أن هذا النزاع هو عين النزاع في مسألة المرة والتكرار ، فلا وجه لإفراد كل منهما بالبحث.
(٢) أي : فإن البحث في مبحث الإجزاء. هذا الكلام دفع للتوهم المزبور ببيان الفرق بين المسألتين.
وخلاصة الفرق بينهما من وجهين :
الأول : أن مسألة المرة والتكرار لفظية ، ومسألة الإجزاء عقلية ، بمعنى : أن البحث في تلك المسألة كأنه في تعيين المأمور به بحسب دلالة الصيغة عليه هل هو الوجودات المتعددة ، أو الوجود الواحد؟ فالبحث هناك لفظي. بخلاف مسألة الإجزاء ؛ فإن البحث فيها عن أن الإتيان بما هو المأمور به هل يجزي أو لا؟ فالبحث هنا عقلي ؛ حيث إن الحاكم بالإجزاء هو العقل. وإن شئت فقل : إن النزاع في مسألة المرة والتكرار صغروي لرجوعه إلى تعيين المأمور به ، وفي مسألة الإجزاء كبروي ؛ لرجوعه إلى أن الإتيان به مجز أم لا؟ فيكون الفرق بين المسألتين من وجهين : أحدهما : كون النزاع في تلك المسألة لفظيا ، وهنا عقليّ كما عرفت. والآخر : كون البحث هناك صغرويا وهنا كبرويّ كما عرفت أيضا.
(٣) أي : فإن البحث في مسألة المرة والتكرار إنما هو في تعيين ما هو المأمور به شرعا «بحسب دلالة الصيغة» على المرة أو التكرار «بنفسها ، أو بدلالة أخرى» وقرينة خارجية