التعبد به أولا لا منضما إليه ، كما أشرنا إليه في المسألة السابقة. وذلك (١) فيما علم أن مجرد امتثاله لا يكون علة تامة (٢) لحصول الغرض وإن كان (٣) وافيا به لو اكتفى به ، كما إذا أتى بماء أمر به مولاه ليشربه ، فلم يشربه بعد ، فإن (٤) الأمر بحقيقته وملاكه لم يسقط بعد ، ولذا لو أهريق الماء واطلع عليه العبد ، وجب عليه إتيانه ثانيا ، كما إذا لم يأت به أولا ، ضرورة (٥) : بقاء طلبه ما لم يحصل غرضه الداعي إليه (٦) ، وإلا (٧) لما أوجب حدوثه ، فحينئذ يكون له الإتيان بماء آخر موافق للأمر ، كما كان له قبل إتيانه الأول بدلا عنه.
______________________________________________________
منضما إلى التعبد به أولا حتى يلزم تعدد التعبد ، لأن المفروض : مطلوبية صرف الوجود وعدم تعلق الأمر بمجموع الفردين.
(١) أي : عدم بعد تبديل الامتثال بامتثال آخر.
وحاصل الكلام : أن مورد هذا الجواز إنما هو صورة العلم بعدم كون الامتثال علة تامة لحصول الغرض مع وفائه بالغرض لو اكتفى بالامتثال الأول.
(٢) أي : لا يجوز تبديل الامتثال فيما لو كان مجرد امتثاله الأول علة تامة لحصول الغرض ؛ إذ لو كان كذلك للزم اجتماع علتين على معلول واحد ، وهو محال لكونه مستلزما لتحصيل الحاصل.
(٣) أي : وإن كان الامتثال الأول مع الاكتفاء به وافيا بالغرض ، إذ المفروض : أن الماء في المثال المذكور قابل لأن يستوفي المولى غرضه كرفع العطش مثلا.
(٤) قوله : «فإن الأمر ...» إلخ تعليل لقوله : «نعم لا يبعد أن يقال» وتوضيح ذلك : أن وجه جواز تبديل الامتثال هو بقاء الأمر بحقيقته ؛ وهي : الطلب الموجود في نفس المولى ، وبقاء ملاكه وهو : رفع العطش مثلا ؛ الذي هو داع للأمر بإحضار الماء ، ولا يسقطان بمجرد إحضار الماء ، بل يسقط الأمر والغرض بشربه أو غيره من الأغراض الداعية إلى الطلب ، فما لم يتحقق الشرب الرافع للعطش أو غيره لم يسقط الأمر بحقيقته وملاكه ، ولأجل عدم سقوط الأمر حقيقة وملاكا يجب على العبد الإتيان بالماء ؛ لو اطلع على خروج الماء الأول عن قابليته للوفاء بغرض المولى وهو رفع العطش.
(٥) قوله : «ضرورة» تعليل لوجوب الإتيان ثانيا.
(٦) أي : إلى الطلب.
(٧) أي : وإن لم يجب إتيانه ثانيا مع بقاء الغرض لما أوجب الغرض حدوث الأمر ، ثم بقاء الغرض مع فرض سقوط الطلب يكشف عن عدم عليته لحدوث الأمر ، وهذا