هذا (١) على ما هو الأظهر الأقوى في الطرق والأمارات ، من أن حجيتها ليست بنحو السببية.
وأما بناء عليها ، وأن العمل بسبب أداء أمارة إلى وجدان شرطه أو شطره ، يصير حقيقة صحيحا كأنه واجد له ، مع كونه فاقده ، فيجزي لو كان الفاقد معه ـ في هذا
______________________________________________________
(١) أي : عدم الإجزاء «فيما كان الأمر الظاهري بلسان أنه ما هو الشرط واقعا على ما هو الأظهر الأقوى» عندنا «في الطرق والأمارات من أن حجيتها على نحو الطريقية ، و «ليست بنحو السببية».
الفرق بينهما : أن الأول أعني : الطريقية يجب العمل بالطريق لمجرد كونه طريقا إلى الواقع ، وكاشفا ظنيا عنه ، بحيث لم يلاحظ فيه سوى الكشف عن الواقع ، فإن صادفه أحرز مصلحة الواقع ، وإن لم يصادفه لم يكن له شيء.
والثاني : أي : السببية وهو أنه يجب العمل به لأجل أنه يحدث فيه بسبب قيام الطريق مصلحة مساوية أو راجحة على المصلحة الواقعية التي تفوت عند مخالفة ذلك الطريق للواقع.
إذا عرفت هذا الفرق فاعلم : أن الإجزاء وعدمه مبتن على القولين ؛ فمن يقول : بأن حجية الأمارات من باب الطريقية ـ ومنهم المصنف «قدسسره» ـ يرى عدم الإجزاء فيما لو قامت الأمارة على شيء ، ثم تبين الخلاف ، إذ المصلحة الواقعية غير محرزة والواقع على حاله ، «وأما بناء عليها» أي : على السببية وهو القول الثاني وذلك بمعنى : «أن العمل بسبب أداء أمارة إلى وجدان شرطه أو شطره يصير حقيقة صحيحا» ، ويكون «كأنه» أي : العمل «واجد له ، مع كونه فاقده» في الحقيقة ؛ ففي الإجزاء وعدمه تفصيل ، إذ الأقسام المتصورة حينئذ أربعة ، لأن المأتي به إما واف بتمام الغرض أو لا.
وعلى الثاني : فالباقي من الغرض إما يمكن استيفاؤه أو لا. والممكن الاستيفاء إما واجب استيفاؤه أو مستحب على ما في «الوصول إلى كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ٥٢٩» ، «فيجزي لو كان الفاقد» للشرط أو الشطر «معه» أي : مع كونه فاقدا «في هذا الحال» أي : في حال قيام الأمارة «كالواجد في كونه وافيا بتمام الغرض» ، وهي الصورة الأولى ، «ولا يجزي لو لم يكن» العمل الفاقد «كذلك» أي : وافيا بتمام الغرض ، وحين عدم الوفاء بتمامه «يجب الإتيان بالواجد» ثانيا «لاستيفاء الباقي إن وجب» الاستيفاء وهي الصورة الثالثة ، «وإلا» أي : وإن لم يجب الاستيفاء «لاستحب» الإتيان ثانيا وهي الصورة الرابعة.