وهذا (١) بخلاف ما إذا علم أنه مأمور به واقعا ، وشك في أنه يجزي عما هو المأمور به الواقعي الأوّلي ؛ كما في الأوامر الاضطرارية أو الظاهرية ، بناء على أن يكون الحجية على نحو السببية ، فقضية الأصل فيها ـ كما أشرنا إليه ـ عدم وجوب الإعادة ، للإتيان بما اشتغلت به الذمة يقينا ، وأصالة عدم فعلية التكليف الواقعي بعد رفع الاضطرار وكشف الخلاف.
______________________________________________________
ومن المعلوم : أنه من الأصول المثبتة ، فلا مجال لاستصحاب عدم فعلية التكليف الواقعي في الوقت ؛ حتى يثبت به عدم وجوب الاعادة ، بل المرجع هنا قاعدة الاشتغال ؛ لكون الشك في فراغ الذمة بعد العلم باشتغالها بالتكليف.
قوله : «بذلك المأتي» ؛ متعلق بقوله : «يشك» ، والباء للسببية ، ومعنى العبارة : أن منشأ الشك في الفراغ هو العمل بمؤدى الأمارة ، مثلا : إذا قامت البيّنة على طهارة ماء فتوضأ به وصلى ، ثم تبين خطأ البيّنة ، فيقال : إن التكليف بالوضوء بالماء الطاهر الذي هو حكم واقعي قد اشتغلت به الذمة قطعا ، ويشك في سقوطه بالوضوء بالماء المتنجس واقعا ؛ المحكوم لأجل البيّنة بالطهارة ظاهرا ، فقاعدة الاشتغال تقتضي وجوب الإعادة لكون الشك في سقوط التكليف لا في ثبوته.
(١) أي : هذا الذي ذكرنا ـ وهو الشك في الإجزاء لأجل الشك في الطريقية والموضوعية ـ حيث كان مجراه الاشتغال ؛ «بخلاف» ما إذا كان الشك في الأجزاء لأجل الشك في وفاء المأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري بناء على السببية ، فإن المرجع فيهما البراءة بعد ارتفاع الاضطرار ، أو انكشاف الخلاف.
وأشار إليه بقوله : بخلاف «ما إذا علم أنه مأمور به واقعا» ثانويا ، «وشك في أنه يجزي عما هو المأمور به الواقعي الأوّلي» أم لا ؛ «كما في الأوامر الاضطرارية ، أو» الأوامر «الظاهرية» ، وليس المراد بها الأمر الظاهري بناء على الطريقية ، لأنه على هذا ليس مأمورا به بالأمر الواقعي ، بل «بناء على أن يكون الحجية» في الأوامر الظاهرية «على نحو السببية» والموضوعية ، «فقضية الأصل فيها» أي : في الاضطرارية والظاهرية «كما أشرنا إليه» في المقام الأول «عدم وجوب الإعادة» عند ارتفاع الاضطرار وانكشاف الواقع في الوقت ، والفرق بين الشك في الطريقية والسببية ـ الموجب للإعادة ، وبين الشك في إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري ، أو الظاهري عن الأمر الواقعي بعد رفع الاضطرار وانكشاف الخلاف الذي لا يوجب الاعادة ـ أنه في الأول قطع بالاشتغال فيستصحب عدم إتيان متعلقه ، وأما في الثاني : فلا يجب «للإتيان بما اشتغلت به الذمة يقينا» من الأمر الاضطراري والظاهري.