(تذنيبان (١)):
الأول : (٢) لا ينبغي توهم الإجزاء في القطع بالأمر في صورة الخطأ ، فإنه لا يكون موافقة للأمر فيها ، وبقي الأمر بلا موافقة أصلا وهو أوضح من أن يخفى ، نعم (٣) ربما يكون ما قطع بكونه مأمورا به مشتملا على المصلحة في هذا الحال (٤) ، أو على مقدار
______________________________________________________
(١) التذنيب : جعل الشيء ذنابة للشيء ، وعن الصحاح «الذناب بالكسر عقيب كلّ شيء».
(٢) التذنيب الأول : في الأمر التخيّلي. والغرض من عقد هذا التذنيب هو دفع توهم الإجزاء في الأمر التخيّلي ، والتلازم في الإجزاء بين الأوامر الظاهرية الشرعية الثابتة بالأمارات والأصول ، وبين الأمر الظاهري العقلي الثابت بالقطع ؛ بمعنى : أن المكلف تخيل بوجود الأمر وليس في الواقع أمر أصلا.
وحاصل الدفع : إن الإجزاء في الأوامر الظاهرية الشرعية ـ على القول به ـ لا يلازم الإجزاء في الأمر الظاهري العقلي مع انكشاف الخلاف ، ضرورة : أن منشأ توهم الإجزاء هو : ثبوت الأمر الظاهري الشرعي ، وذلك مفقود في موارد القطع ؛ إذ ليس فيها إلا العذر العقلي في ترك الواقع ما دام قاطعا ، وبعد ارتفاع القطع يرتفع العذر ، فتجب الإعادة أو القضاء وذلك لعدم إتيان المكلف بنفس المأمور به الواقعي ، ولا بما جعله الشارع بمنزلته ، فلا وجه للاجزاء. كما أشار إليه بقوله : «لا ينبغي توهم الإجزاء في القطع ..» إلخ إذا لم يكن هناك حكم متقرر له ثبوت ، وإنما تخيل ثبوته فهو أجنبي عن بحث الإجزاء ؛ إذ لا حكم كي يبحث عن إجزائه وعدمه ، فلا إشكال في عدم الإجزاء فيما إذا قطع بحكم ثم انكشف خلافه ؛ إذ القطع لا يوجب الأمر لا واقعا ولا ظاهرا ، فلا يكون في البين إلا تخيل لثبوت الحكم ، فلا وجه لإجزاء المأتي به مع عدم كونه الواقع.
(٣) أي : قوله : «نعم ربما يكون ...» إلخ استدراك من عدم الإجزاء المستفاد من قوله : «لا ينبغي توهم الإجزاء». وحاصله : أنه قد يكون ما قطع بكونه مأمورا به مجزيا عن المأمور به الواقعي ، وهو ما إذا كان ما أتى به مشتملا على تمام مصلحة الواقع أو معظمها مع امتناع استيفاء الباقي من مصلحة الواقع ، فلا يجب الإتيان بالواقع حينئذ لا إعادة ولا قضاء ؛ لسقوط الأمر الواقعي بحصول غرضه كلا أو جلا.
(٤) أي : في حال القطع لا مطلقا ؛ إذ لو كان مشتملا على المصلحة مطلقا وفي كل حال لزم أن يكون عدلا للواجب الواقعي ، وأحد فرديه ، وأن يخرج عن موضوع البحث وهو إجزاء غير الواقع عن الواقع ؛ إذ المفروض حينئذ : كون المأتي به أحد فرديه الواجب الواقعي.