منها ، ولو في غير هذا الحال غير ممكن ، مع استيفائه استيفاء الباقي منها ، ومعه لا يبقى مجال لامتثال الأمر الواقعي.
وهكذا الحال في الطرق (١) ، فالإجزاء ليس لأجل اقتضاء امتثال الأمر القطعي أو الطريقي للإجزاء ؛ بل إنما هو لخصوصية اتفاقية في متعلقهما كما في الإتمام والقصر والإخفات والجهر (٢).
الثاني (٣) : لا يذهب عليك أن الإجزاء في بعض موارد الأصول والطرق والأمارات ـ على ما عرفت تفصيله ـ لا يوجب التصويب المجمع على بطلانه في تلك
______________________________________________________
ولكن هذا إثباتا يحتاج إلى دليل خاص ، وقد ثبت في بعض الموارد ؛ كما إذا صلى جهرا في مورد الإخفات ، وبالعكس ، وكما إذا صلى تماما في السفر مع الجهل بكون الوظيفة غير ما أتى به ؛ فإن الدليل دل على الاكتفاء بالعمل ، وعدم لزوم الإعادة مع معاقبته على تقصيره في السؤال والتعلم ، مما يكشف عن عدم كون ما أتى به متعلقا للحكم ؛ وإنما هو محصل لبعض المصلحة بحيث لا يمكن تدارك الباقي ، ولذا لا تجب الإعادة ، ولكن يعاقب على ذلك لأنه فوّت على نفسه مصلحة الواقع الملزمة.
قوله : «ومعه» أي : مع كون المقطوع به مشتملا على تمام المصلحة ، أو على مقدار لا يمكن استيفاء الباقي «لا يبقى مجال لامتثال الأمر الواقعي» بعد الإتيان بالمقطوع ، ويكون مجزيا في الصورتين.
(١) أي : الحال في الأمارة المخطئة مثل الحال في القطع المخطئ في عدم الإجزاء ، فإذا عمل المكلف بالقياس قاطعا بحجيته فانكشف عدم حجيته لا يكون مجزيا ، فالعمل المطابق للأمارة المخطئة لا يجزي أصلا ؛ إلا إذا كان المأتي به وافيا بتمام المصلحة أو بمقدار منها ؛ مع امتناع تدارك الباقي ، فالإجزاء حينئذ ليس لأجل اقتضاء الأمر القطعي أو الطريقي له ؛ بل لوفاء المأتي به بمصلحة الواقع ، أو معظمها. والأول في القطع بالحكم. والثاني : في القطع بالطريق ؛ بل الإجزاء «إنما هو لخصوصية اتفاقية» أي : صدفة «في متعلقهما» أي : في متعلق القطع بالحكم ، أو الطريق ، والمراد بالخصوصية الاتفاقية : هي الوفاء بالمصلحة تماما أو بعضا كما مر.
(٢) أي : المشهور هو : صحة التمام في موضع القصر ، والإخفات في مورد الجهر ، وبالعكس جهلا بالحكم ، واستحقاق العقوبة إن كان الجهل عن تقصير كما عرفت. فهناك نصوص تدلّ على تمامية الصلاة في تلك الموارد وإجزائها.
(٣) التذنيب الثاني : في بيان عدم المنافاة بين التخطئة والإجزاء. والغرض من هذا