.................................................................................................
______________________________________________________
التذنيب الثاني هو : ردّ توهم الملازمة بين الإجزاء والتصويب. فإنه قد يتوهم ملازمة القول بالإجزاء للتصويب ، وهذا ما يظهر من الشهيد «قدسسره» في تمهيد القواعد من أن الإجزاء في موارد الطرق والأصول مساوق للتصويب ؛ لأن مرجع الإجزاء إلى كون الواقع هو مؤدى الأمارة الذي هو التصويب ؛ فإن عدم وجوب الإعادة والقضاء بعد العمل بالأصل أو الأمارة وكشف الخلاف معناه : انتفاء الحكم الواقعي الأوّلي في حق هذا الجاهل ، وانحصار حكمه الواقعي في المؤدى ، فالإجزاء كاشف عن التصويب وخلو الواقعة عن الحكم الواقعي. هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب توهم الملازمة بين الإجزاء والتصويب.
وحاصل ما أفاده المصنف ـ في ردّ توهم الملازمة بين الإجزاء والتصويب ـ يتوقف على مقدمة وهي : أنّ للحكم في نظر المصنف مراتب أربع :
١ ـ مرتبة الاقتضاء. ٢ ـ مرتبة الإنشاء.
٣ ـ مرتبة الفعلية. ٤ ـ مرتبة التنجّز.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الحكم الذي دلت الأدلة على اشتراك العالم والجاهل فيه إنما هو الحكم الإنشائي ، فإن أدلة الاشتراك لا تقتضي أكثر من ذلك. أما الحكم الفعلي فهو يختص بالعالم ؛ لأن موضوعه هو العلم بالحكم الإنشائي ، وبهذا البيان يظهر : أن القول : بالإجزاء الذي هو فرع الالتزام بالسببية في حجية الأمارة لا يلازم التصويب بمعنى ارتفاع الحكم الواقعي ؛ لبقاء الحكم الواقعي على ما هو عليه ، ولكنه بمرتبته الإنشائية ، والأمارة المخالفة مانعة عن فعليته. فالحكم الواقعي بمرتبته الإنشائية محفوظ في موارد الأصول والأمارات ، فالواقعة لا تخلو عن الحكم الواقعي حتى يلزم التصويب ؛ بل الحكم الإنشائي ثابت ، والمنفي بقيام الأمارة على الخلاف هو الحكم الفعلي ، وكذلك الثابت في موارد الإصابة هو الحكم الفعلي.
وكيف كان ؛ فالحكم الواقعي في مرتبة الإنشاء عند أداء الأصل أو الأمارة على خلافه ، وإنه لا يصير فعليا في غير مورد الإصابة ؛ من دون فرق بين موارد الإجزاء وعدمه.
غاية الأمر : أنه إذا انكشف الخلاف ففي موارد الإجزاء يبقى على إنشائيته لتدارك غرضه ، أو لغير ذلك ؛ لا أنه ينتفي بالمرة ، وعلى فرض عدم كشف الخلاف تستمر إنشائيته ، والمكلف معذور.