بيان ذلك : أنّه إن اعتبر دلالته على نفسه ـ حينئذ ـ لزم الاتحاد (١) ، وإلّا (٢) لزم تركبها من جزءين ؛ لأنّ القضية اللفظية ـ على هذا ـ إنّما تكون حاكية عن المحمول والنسبة لا الموضوع ، فتكون القضية المحكية بها مركبة من جزءين ، مع امتناع التركب إلّا من الثلاثة ؛ ضرورة : استحالة ثبوت النسبة بدون المنتسبين.
قلت (٣) : يمكن أن يقال : إنّه يكفي تعدد الدال والمدلول اعتبارا ، وإن اتحدا ذاتا ،
______________________________________________________
الدال عين المدلول وهو ممتنع لامتناع اتحاد الحاكي والمحكي ، لأنّ الدلالة والحكاية من سنخ العلية واتحاد العلة والمعلول ممتنع. وإن التزم بعدم الدلالة والحكاية عن ذات الموضوع باللفظ لزم تركب القضية الذهنية من جزءين أي : النسبة والمحمول لعدم الحكاية عن الموضوع ، كي ينتقل إلى الذهن ، وتركّبها من جزءين ممتنع ، لأنّ النسبة متقوّمة بطرفين فلا توجد بطرف واحد.
(١) أي : اتحاد الدال والمدلول وهو باطل ؛ ضرورة : أنّ الدال وجه وعنوان للمدلول ، والوجه والعنوان غير ذي الوجه والمعنون. هذا مضافا إلى لزوم وحدة الانتقال ، مع إنه لا بد في الاستعمال من تعدده.
وتوضيح ذلك : أنه لا شبهة في أن الاستعمال لا يكاد ينفك عن انتقالين : الانتقال إلى اللفظ أولا وإلى المعنى ثانيا ، ومن المعلوم : أن منشأ التعدد فيه تعدد المنتقل إليه ، فلو كان الدال والمدلول شيئا واحدا لم يتعدد المنتقل إليه فلم يتعدد الانتقال أيضا ، فلزم ما ذكرناه من وحدة الانتقال.
(٢) أي : وإن لم تعتبر دلالته على نفسه لزم تركب القضية الذهنية من جزءين وهو ممتنع. كما أشار إليه بقوله : «ضرورة ...» إلخ.
ملخص الإشكال : أنّ لفظ زيد في المثال إن أخذ بعنوان الدال لزم اتحاد الدال والمدلول ، فيجتمع لحاظه آليا ولحاظه استقلاليا ، وإن أخذ بلا معنى لزم تركب القضية من جزءين أي : من محمول ونسبة من دون موضوع.
(٣) أجاب المصنف عن هذا الإشكال بما حاصله : أنّ لنا أن نختار كلا الشقين ، ولا يلزم أي محذور. فنلتزم بوجود الدلالة ولا يلزم محذور اتحاد الدال والمدلول ، لكفاية التغاير الاعتباري بين الدال والمدلول وإن اتحدا ذاتا وهو موجود فيما نحن فيه ، إذ في اللفظ جهتان : جهة كونه صادرا من اللافظ ، وجهة كونه مقصودا له ، فهو بالجهة الأولى دال ، وبالجهة الثانية مدلول.
كما أنّه يمكن أن نلتزم بعدم الدلالة ولا يلزم محذور تركب القضية من جزءين ؛ لأنّ