فمن حيث إنّه لفظ صادر عن لافظه كان دالا ، ومن حيث (١) إنّ نفسه وشخصه مراده كان مدلولا. مع إنّ (٢) حديث تركب القضية من جزءين ـ لو لا اعتبار الدلالة في البين ـ إنّما يلزم إذا لم يكن الموضوع نفس شخصه ، وإلّا (٣) كان أجزاؤها الثلاثة
______________________________________________________
انتقال الذهن إلى ذات الموضوع لا يتوقف على ثبوت الحاكي عنه ، بل يتحقق بإحضار نفس الموضوع خارجا ، والحكم عليه وما نحن فيه يمكن أن يكون من هذا القبيل ، فإنّ ذات الموضوع هو نفس لفظ «زيد» وقد أحضر بنفسه ، فتتحقق صورته في الذهن بواسطة ذلك ، ثم يحكم عليه بواسطة اللفظ الحاكي عن معناه الذي يكون به الحكم.
إلّا إنّ هذا النحو يخرج عن كونه من استعمال اللفظ في المعنى ؛ لأنّه إحضار لنفس المعنى ، كما في منتقى الأصول تقرير آية الله العظمى السيّد محمد الروحاني «قدسسره».
(١) إشارة إلى تحقق التغاير الاعتباري وكفايته في تعدد الدال والمدلول.
(٢) هذا إشارة إلى اختيار عدم الدلالة ، ولا يلزم محذور تركّب القضية من جزءين كما عرفت.
وملخص الجواب : أنّ اللفظ من مقولة الكيف المسموع ، فيكون عرضا ، وكل عرض له وجود في نفسه بنحو مفاد كان التامة ، ووجود لغيره بنحو مفاد كان الناقصة ؛ وإن كان وجوده في نفسه بعين وجوده لغيره خارجا ، فلفظ زيد إذا أريد به شخصه فبما أنّه وجود لغيره وفان فيه يكون دالا ، وبما أنّه موجود في نفسه يكون مدلولا.
(٣) أي : لو كان الموضوع نفس اللفظ وشخصه كانت أجزاؤها الثلاثة تامة فلا يلزم المحذور المزبور.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي :
أنّ القضية تارة : تشتمل على موضوع لفظي ومعنوي ومحمول كذلك كقولنا : زيد عالم حيث يكون لفظ زيد موضوعا لفظيا ومعناه موضوعا معنويا ، وكذلك يكون لفظ عالم محمولا لفظيا ومعناه محمولا معنويا ، ثم الموضوع والمحمول اللفظيان حاكيان عن الموضوع والمحمول المعنويين.
وأخرى : لا تشتمل القضية على موضوع معنوي ولفظي ؛ بأن يكون الموضوع هو شخص اللفظ من دون أن يكون حاكيا عن المعنى.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الموضوع فيما نحن فيه هو شخص اللفظ لا يحتاج في وجوده وحضوره إلى الواسطة ، بل حاله حال بقية الأفعال الخارجية والموجودات الفعلية مثلا ؛ مثل من يضع يده على «زيد» ويقول : «عالم» أي : هذا الشخص الموجود خارجا