تامة ، وكان المحمول فيها منتسبا إلى شخص اللفظ ونفسه ، غاية الأمر : أنّه نفس الموضوع ، لا الحاكي عنه (١) ، فافهم ، فإنّه لا يخلو عن دقة (٢) وعلى هذا (٣) : ليس من باب استعمال اللفظ بشيء ، بل يمكن أن يقال : إنّه ليس أيضا من هذا الباب (٤) ما إذا أطلق اللفظ وأريد به نوعه أو صنفه ، فإنّه (٥) فرده ومصداقه حقيقة ، لا لفظه (٦) وذاك
______________________________________________________
عالم ، وبهذا يجعل المحمول في القضية منتسبا إلى الشخص الموجود خارجا وهو نفس الموضوع في القضية الخارجية. والمقام من هذا القبيل حيث إن الموضوع هو شخص اللفظ خارجا والمحمول ثابت له ، فلا يلزم المحذور المزبور ، لأنّ القضية مركبة من أجزاء ثلاثة : ١ ـ الموضوع وهو ذات اللفظ وشخصه. ٢ ـ المحمول وهو «لفظ». ٣ ـ مع النسبة بينهما.
وحينئذ فلا يلزم خلو القضية عن الموضوع ، كي يقال : إنّه مستحيل. نعم ؛ يلزم خلوّها عن الموضوع الحاكي وهو غير مستحيل ، فالمستحيل وهو عدم الموضوع غير لازم ، واللازم وهو : عدم كون الموضوع حاكيا غير مستحيل.
(١) أي : ليس الموضوع حاكيا عن الموضوع الواقعي في القضية المحكية كما هو الشأن في القضايا المتعارفة.
(٢) أي : وجه الحاجة إلى الدقة : أنّ جعل شخص اللفظ موضوعا دون معناه مخالف للقضايا المتعارفة.
(٣) على ما ذكرناه من أنّ الموضوع هو شخص اللفظ ليس إطلاق اللفظ وإرادة شخصه من باب استعمال اللفظ أصلا ، لأنّ الاستعمال يتوقف على لفظ ومعنى ، والمفروض : إرادة شخص اللفظ لا معناه ، فلا يندرج المقام في استعمال اللفظ في المعنى ، بل يكون من باب إيجاد الموضوع ثم الحكم عليه كما عرفت.
(٤) أي : من باب استعمال اللفظ في المعنى.
(٥) أي : اللفظ هو فرد النوع أو الصنف ومصداقهما حقيقة.
(٦) أي : ليس اللفظ الذي أريد به النوع لفظ النوع ؛ كي يكون إطلاقه عليه من باب الاستعمال ، بل شأنه شأن إطلاق اللفظ وإرادة شخصه بأن يكون الموضوع نفس اللفظ ويحكم عليه لكن لا بما هو هو ، بل بما هو فرد لنوعه فيسري الحكم إلى سائر الأفراد باعتبار أنّ وجود الفرد وجود للكلي الذي يوجد في ضمن أفراده.
وبعبارة أخرى : إذا قيل : «زيد ثلاثي» وأريد به النوع فلا يكون من باب الاستعمال ؛ بل هو من قبيل إحضار الطبيعي في ذهن المخاطب بإرادة فرده ، فالمتكلم بذلك اللفظ قد قصد ثبوت الحكم للطبيعي ليسري منه إلى أفراده ، فأوجد المتكلم في ذهن المخاطب