الخامس (١)
لا ريب في كون الألفاظ موضوعة بإزاء معانيها من حيث هي ، لا من حيث هي
______________________________________________________
خلاصة البحث في إطلاق اللفظ على اللفظ
إنّ لإطلاق اللفظ وإرادة شخصه أو مثله أو نوعه أو صنفه مقامات :
المقام الأول : أن ملاك صحة استعمال اللفظ في اللفظ هو الطبع دون الوضع ، والدليل على ذلك : أنّه لو كان بالوضع لزم أن يكون للألفاظ المهملة وضع ؛ وهو باطل قطعا إذ كونها موضوعة ينافي إهمالها.
المقام الثاني : أنّه لا إشكال في إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله ، ولكن لا يصح إطلاق اللفظ وإرادة شخصه إلّا مع تأويل ، لأنّه مستلزم لاتحاد الدال والمدلول ؛ مع الالتزام بدلالة اللفظ على شخصه ، ولتركّب القضية من جزءين مع عدم الدلالة. وقد أجاب عن المحذور الأوّل : بكفاية التعدد والتغاير الاعتباري بين الدال والمدلول ، وهذا نوع من التأويل.
وعن الثاني : بأن ذلك يلزم لو لم يكن الموضوع نفس اللفظ وشخصه ، وأمّا لو كان الموضوع شخصه فلا يلزم تركّب القضية من جزءين ، بل أجزاؤها الثلاثة تامة.
المقام الثالث : أن إطلاق اللفظ وإرادة شخصه ليس من باب استعمال اللفظ في المعنى ، بل هو إيجاد الموضوع بإلقاء اللفظ ، كما أنّ إطلاق اللفظ وإرادة مثله يكون من باب استعمال اللفظ في المعنى لا غير.
وأمّا إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه : فيصح فيه كلا الوجهين ، ولكن الأرجح عند المصنف : أنّه من باب استعمال اللفظ في المعنى ؛ نظرا إلى كون الإطلاقات المتعارفة من هذا القبيل.
تبعية الدلالة للإرادة
(١) وقبل البحث ينبغي بيان ما يمكن أن يكون محلا للكلام بين الأعلام. توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن للإرادة كالدلالة أقسام :
١ ـ مفهوم الإرادة الذي وضع له لفظ الإرادة.
٢ ـ مصداقها ، وهو على قسمين : ١ ـ الإرادة الحقيقية التي هي الصفات القائمة بالنفس ؛ وهي سبب لتحريك العضلات نحو المطلوب. ٢ ـ الإرادة الإنشائية المنشأة بصيغة الأمر مثلا ، ثم لا خلاف في عدم جزئية مفهوم الإرادة لمعنى اللفظ الموضوع ،