ألفاظ الأطراف ؛ مع إنه لو كانت موضوعة لها بما هي مرادة لما صح بدونه (١) ؛ بداهة (٢) : أن المحمول على زيد في «زيد قائم» ، والمسند (٣) إليه في «ضرب زيد» ـ مثلا ـ هو نفس القيام والضرب ، لا بما هما مرادان.
مع إنه (٤) يلزم كون وضع عامة الألفاظ عاما والموضوع له خاصا ، لمكان اعتبار خصوص إرادة اللافظين فيما وضع له اللفظ ، فإنّه لا مجال لتوهم أخذ مفهوم الإرادة فيه (٥) ، كما لا يخفى. وهكذا الحال في طرف الموضوع.
______________________________________________________
كون وضع عامة الألفاظ عاما والموضوع له خاصا» ، وهو باطل بالضرورة.
(١) أي : بدون التصرف وهو تجريد ألفاظ الأطراف عن الإرادة.
(٢) تعليل لعدم صحة الحمل والإسناد بدون التصرف ، لأنّه بعد كون المحمول والمسند إليه في المثالين هو نفس القيام والضرب ، فلا بد من التصرف بالتجريد فيهما كما عرفت.
(٣) قوله : والمسند إليه عطف على قوله : المحمول ، وضمير «إليه» عائد إلى زيد. فالمسند إليه ليس بمعنى : ما أسند إليه الفعل ، كي يتوهم أن المسند إليه دائما اسم وليس فعلا ، بل المسند إليه في المقام بمعنى : المسند الذي أسند إلى زيد ؛ فيكون فعلا وهو قوله : «ضرب» في «ضرب زيد».
وخلاصة الكلام : أنه لو كان اللفظ موضوعا للمعنى بقيد الإرادة لكان الاستعمال هنا مجازيا ؛ لأنّه من استعمال اللفظ الموضوع للكل في الجزء ، مع إنّ الاستعمال لا يكون على نحو المجاز فنكشف من ذلك : أن اللفظ موضوع للمعنى وليس للإرادة دخل في ذلك.
(٤) أي : مع التسليم بأن الألفاظ موضوعة للمعاني مع الإرادة ؛ يلزم كون وضع عامة الألفاظ من الاسم والفعل والحرف عاما ، والموضوع له خاصا ، وهذا هو الوجه الثالث ، وقد قررناه سابقا وقلنا : إنه باطل بالضرورة ، لأنّ الوضع والموضوع له يختلفان باختلاف الموارد ، فتارة يكون الوضع عاما والموضوع له عاما ، كأسماء الأجناس ، وأخرى كل منهما خاص كالأعلام ، وثالثة يكون الوضع عاما والموضوع له خاصا كالمبهمات على المشهور.
(٥) أي : فيما وضع له. فإذا كان مفهوم الإرادة مأخوذا في المعنى لكان الموضوع له عاما لعمومية مفهوم الإرادة ، فلا يلزم إنكار عمومية الموضوع له ، ولكن لا مجال لهذا التوهم لما ذكرنا في أول البحث من : إن محل الكلام ليس في المفهوم ، بل في مصداق الإرادة ، لأن المتبادر هي الإرادة الحقيقية القائمة بالنفس. وعليه : فيلزم إنكار عمومية