ثم إنّ عدم صحة سلب اللفظ (١) ـ بمعناه المعلوم المرتكز في الذهن إجمالا كذلك عن معنى تكون علامة كونه حقيقة فيه ، كما أنّ صحة سلبه عنه علامة كونه مجازا في الجملة (٢).
والتفصيل : أن عدم صحة السلب عنه ، وصحة (٣) الحمل عليه بالحمل الأولي ، الذاتي الذاتي الذي كان ملاكه الاتحاد مفهوما علامة كونه نفس المعنى.
وبالحمل (٤) الشائع الصناعي الذي ملاكه الاتحاد وجودا ، بنحو من أنحاء الاتحاد ، علامة كونه من مصاديقه وأفراده الحقيقية.
______________________________________________________
الثاني الذي هو موضوع الكلام فيما نحن فيه ، فأصالة الحقيقة إنما تجري لإثبات إرادة المعنى الحقيقي ، ولا تجري لإثبات حقيقية المعنى المراد ، لأنّ بناء العقلاء ، إنّما هو على التمسك بأصالة الحقيقة في الشك في أصل المراد ، فلا يتمسكون بأصالة الحقيقة فيما إذا شك في كون المعنى حقيقيا أو مجازيا.
(١) أي : من علامات الحقيقة عدم صحة السلب أو صحة الحمل ، ومن علامات المجاز صحة السلب أو عدم صحة الحمل.
بمعنى : أنّنا نفرض معنى خاصا ، كالحيوان المفترس أو الرجل الشجاع مثلا ، ثم نفرض لفظا خاصا مع معناه المرتكز في الذهن الذي وضع هذا اللفظ له مثل لفظ الأسد بما له من المعنى المعلوم بالعلم الإجمالي ، ثم نسلب هذا اللفظ عن ذلك المعنى ونقول : المفترس ليس بأسد أو الرجل الشجاع ليس بأسد ، فإن صح السلب ـ كما في المثال الثاني ـ فإنّه علامة كونه مجازا ، وإن لم يصح ـ كما هو في المثال الأول ـ فإنه حقيقة.
(٢) أي : على نحو الإجمال سواء كان مجازا في الجملة وهو المسمّى بالمجاز اللغوي ، أو مجازا في غيرها كما هو مذهب السكاكي على ما هو في علم البلاغة.
(٣) أي : المراد من الحمل هو حمل اللفظ بما له من المعنى على المعنى المشكوك وضعه له فإن صح الحمل كان دليلا على الحقيقة ؛ وإلّا كان قرينة على عدم وضع اللفظ له.
(٤) توضيح كون صحة الحمل من علامات الحقيقة يتوقف على مقدمة وهي : أن الحمل على قسمين : ١ ـ الحمل الأولي الذاتي. ٢ ـ الحمل الشائع الصناعي.
والفرق بينهما : أن ملاك الحمل في الأوّل هو الاتحاد بين الموضوع والمحمول مفهوما ، والتغاير بينهما إنّما هو بالإجمال والتفصيل كقولنا : «الإنسان حيوان ناطق» ؛ فإن مفهوم الإنسان هو الحيوان الناطق بعينه ، والفرق بينهما بالإجمال والتفصيل ، حيث يكون الحيوان الناطق تفصيلا للإنسان.