ولعله (١) بملاحظة نوع العلائق المذكورة في المجازات. حيث لا يطرد صحة
______________________________________________________
الاطراد وضع هذه الهيئة لهذا المعنى ووضع لفظ إنسان للحيوان الناطق.
فعدم الاطراد هو عدم الشيوع المذكور ، كاستعمال اسم المشبه به في المشبه ، فإن لفظ أسد مثلا يستعمل في الرجل الشجاع للمشابهة في الشجاعة ؛ لا في الرجل الأبخر مع مشابهته له في كراهة رائحة الفم.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن محل الكلام هو الاطراد بالمعنى الثالث ؛ لأنّه بمعنى : كثرة الاستعمال ليس علامة للحقيقة ، إذ كثرة الاستعمال ربما تكون لكثرة الحاجة ، وحينئذ قد يكون الاحتياج إلى تفهيم المعنى المجازي أكثر من المعنى الحقيقي ، فلا يكون الاطراد بهذا المعنى علامة للحقيقة وكذلك الاطراد بالمعنى الثاني ؛ إذ عدم تغير المعنى باختلاف المقام والأحكام لا يلازم الوضع والحقيقة فلا يكون من علامات الوضع ، وإنّما الكلام في الاطراد بالمعنى الثالث ؛ والمشهور : أنه علامة الحقيقة وعدمه علامة للمجاز ، ولكن مختار المصنف أن الاطراد ليس علامة للحقيقة وعدمه ليس علامة المجاز ، ولهذا قال : «ثم إنه قد ذكر الاطراد وعدمه علامة للحقيقة والمجاز أيضا».
(١) أي : لعل عدم الاطراد في المجازات بملاحظة نوع العلائق ، وأمّا بملاحظة صنفها فيطرد استعمال اللفظ في المجاز فلا يكون علامة للوضع.
وقد دفع المصنف «قدسسره» ـ بقوله : «ولعله ...» إلخ ـ ما يرد من الإشكال على علامية الاطراد للوضع والحقيقة ، فيقال في بيانه : إن الاطراد حاصل في المجاز أيضا ، فإن اللفظ يستعمل في المعنى المجازي بلحاظ العلاقة المصححة ويطرد في جميع موارد وجود تلك العلاقة بملاحظتها ؛ نظير استعمال أسد في الرجل الشجاع بلحاظ علاقة المشابهة كالشجاعة ، فيجوز استعماله في كل شجاع ، فالاطراد ليس لازما مساويا للوضع كي يكون علامة عليه ، بل أعم منه ، فليس دليلا عليه لعدم دلالة العام على الخاص. هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الإشكال.
وأمّا توضيح ما أفاده المصنف «قدسسره» في دفع الإشكال فيتوقف على مقدمة وهي : أن استعمال اللفظ في المعنى المجازي يحتاج إلى وجود علاقة من العلائق المذكورة في باب المجاز ، ثم العلائق المصححة للاستعمال المجازي يمكن اعتبارها بملاحظة نوعها كما يمكن اعتبارها بملاحظة صنفها.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الإشكال المذكور إنّما يتم على تقدير ملاحظة العلائق باعتبار صنفها بمعنى : أن الواضع رخص الاستعمال المجازي في صنفها كاستعمال اسم