الثامن (١)
أنه للفظ أحوال خمسة ، وهي : التجوّز ، والاشتراك ، والتخصيص ، والنقل ، والإضمار لا يكاد يصار إلى أحدها فيما إذا دار الأمر بينه وبين المعنى الحقيقي ؛ إلّا
______________________________________________________
تعارض أحوال اللفظ
(١) يقع الكلام في مقامات :
١ ـ توضيح تلك الأحوال. ٢ ـ دوران الأمر بين المعنى الحقيقي وبين أحد الأحوال.
٣ ـ دوران الأمر بين تلك الأحوال أنفسها مع قطع النظر عن المعنى الحقيقي. ٤ ـ بيان أمثلة تعارض الأحوال مع ترجيح بعضها على بعض.
وأمّا توضيح الأحوال الخمسة فهو :
أن «التجوز» هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له بعلاقة من العلاقات المذكورة في علم البيان.
و «الاشتراك اللفظي» : هو وضع لفظ بوضع متعدد لمعنيين أو أكثر من دون لحاظ المناسبة بين المعاني ، ومن دون أن يسبق وضعه لبعضها على وضعه للآخر مثل : لفظ «عين» الموضوعة لحاسة النظر ، وينبوع الماء والذهب وغيرها ، ومثل : لفظ «جون» الموضوع للأبيض والأسود.
و «التخصيص» : هو استعمال لفظ العام في بعض مصاديقه مثل : «أكرم كل عالم» ويراد به علماء البلد.
و «النقل» : هو أن يكون اللفظ موضوعا أولا لمعنى ، ثم نقل عنه لمعنى آخر مناسب للأول ؛ مثل : لفظ «الصلاة» الموضوع للدعاء ، ثم نقل في الشرع ـ بناء على ثبوت الحقيقة الشرعية ـ إلى الأفعال المخصوصة لمناسبتها للأول بكونها مشتملة على الدعاء.
و «الإضمار» : هو تقدير لفظ في الكلام من دون تجوّز في الإسناد ولا في الكلمة ، مثل : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١) أي : فاسأل أهلها.
وأما المقام الثاني : فقد أشار إليه بقوله : «فيما إذا دار الأمر بينه» أي : بين أحد الأحوال «وبين المعنى الحقيقي» أي : إذا دار أمر اللفظ بين أحد هذه الأحوال ، وبين المعنى الحقيقي كدورانه بين الحقيقة والمجاز ، وأنه مستعمل في المعنى الحقيقي أو المجازي ، وقد التزم المصنف «قدسسره» بحمل اللفظ على المعنى الحقيقي لأصالة الحقيقة حيث قال : «لا يكاد يصار إلى أحدها فيما إذا دار الأمر بينه وبين المعنى الحقيقي ، إلّا بقرينة صارفة عنه
__________________
(١) يوسف : ٨٢.