إنّ موضوع كلّ علم (١) ، وهو الذي يبحث فيه عن عوارضه (٢) الذاتيّة.
ـ أي (٣) : بلا واسطة في العروض ـ
______________________________________________________
(١) قد بحث المصنف «رحمهالله» عن موضوع العلم بشكل عام ، وعلى نحو الكبرى الكلية ؛ تمهيدا لما اختاره في موضوع علم الأصول بالخصوص.
(٢) عوارض جمع عارض ، كما أنّ أعراض جمع عرض ، والفرق بينهما : أنّ العرض يقال على مبدأ الاشتقاق ؛ أي : البياض مثلا ، والعارض كالعرضي يقال على المشق أي : الأبيض مثلا. والسّبب في تعبيرهم بالعوارض دون الأعراض : أنّ المراد بها هنا هو المحمولات المنتسبة إلى الموضوعات فكانت عوارض ، لأنّ المحمول دائما أو غالبا ـ يكون من المشتقات.
ثم المراد بالعوارض : ما هو المصطلح عند المنطقي ؛ لا ما هو المصطلح عند الفلسفي ، لأنّ العرض عند الفلسفي عبارة عن ماهية شأن وجودها في الخارج أن يكون في الموضوع ويقابله الجوهر.
والعرض عند المنطقي ما يكون خارجا عن ذات الشيء ومتحدا معه في الخارج ، ويقابله الذاتي ، وبين الاصطلاحين بعد المشرقين.
ثم أنّ المصنف قد أتى ببيان عوارض العلم على نحو الجملة الاعتراضية ثم فسّر العرض الذاتي بقوله : «أي : بلا واسطة في العروض» ليكون إشارة إلى الخطأ الواقع في تفسير العرض الذاتي على احتمال.
(٣) في هذا التفسير احتمالات :
الاحتمال الأوّل : أنّ تفسير الذاتي بقوله : «بلا واسطة في العروض» إنّما هو من باب التنوّع بالعبارة ، فيكون العرض الذاتي عند المصنف ما هو العرض الذاتي عند المشهور بمعنى : أنّه جرت عادة المصنفين على ذكر أمور منها : موضوع العلم ، والمصنف قد ذكر موضوع العلم تبعا لهم من دون ردّ على من تقدم عنه. إلّا إنّ هذا الاحتمال غير مراد للمصنف قطعا ، لأنّ العدول عن تفسير القوم لا بدّ أن يكون لغرض ، والغرض في المقام هو : عدم صحّة تفسيرهم ، وخطأهم في تفسير العرض الذاتي.
الاحتمال الثاني : أن يكون التفسير لإعطاء القاعدة الكلية ؛ من دون أن يكون ناظرا إلى كلام القدماء ردّا أو إمضاء. بمعنى : أنّ الميزان في الذاتيّة عدم الوساطة في العروض سواء لم يكن له واسطة أصلا ، أو تكون الواسطة في الثبوت.
والعوارض الغربية : ما تكون لها واسطة في العروض مثل : الحركة للجالس في السفينة