في هذه الألفاظ المستعملة مجازا في كلام الشارع ، هو استعمالها في خصوص الصحيحة أو الأعم ، بمعنى : أن أيّهما قد اعتبرت العلاقة بينه وبين المعاني اللغوية ابتداء ، وقد استعمل في الآخر بتبعه ومناسبته ، كي ينزّل كلامه عليه مع القرينة الصارفة عن المعاني اللغوية وعدم قرينة أخرى معينة للآخر.
وأنت خبير بأنه (١) لا يكاد يصح هذا إلّا إذا علم أن العلاقة إنما اعتبرت كذلك ، وأن بناء الشارع في محاوراته استقر عند عدم نصب قرينة أخرى على إرادته ، بحيث كان هذا (٢) قرينة عليه من غير حاجة إلى قرينة معيّنة أخرى ، وأنّى لهم بإثبات ذلك.
وقد انقدح (٣) بما ذكرنا : تصوير النزاع ـ على ما نسب إلى الباقلاني ، وذلك بأن
______________________________________________________
بين الدعاء ومطلق الصلاة ، فيحمل كلام الشارع على المعنى المجازي الأول ـ وهو الصحيح عند الصحيحي والأعم عند الأعمي ـ عند عدم قرينة أخرى معينة للآخر.
وبعبارة أخرى : تحمل ألفاظ العبادات مع وجود القرينة الصارفة وعدم قرينة معينة لأحد المعنيين ـ على الصحيح على قول الصحيحي ، لأنه أول المجازين ، وعلى الأعم على قول الأعمي ، فالنزاع يجري على كلا القولين ، إلّا إن هذا التصوير إنّما هو في مقام الثبوت والمهم هو مقام الإثبات.
(١) هذا التصوير إشارة منه إلى ردّ التصوير المذكور إثباتا وإن كان ممكنا بحسب مقام الثبوت ؛ إلّا إنّ مجرد إمكانه ما لم يعلم بوقوعه لا يجدي كما أشار إليه بقوله : «بأنه لا يكاد يصح هذا إلّا إذا علم أن العلاقة إنّما اعتبرت كذلك» أي : بين خصوص الصحيح أو خصوص الأعم وبين المعنى اللغوي ، «وأن بناء الشارع في محاوراته استقر عند عدم نصب قرينة أخرى» يعني : غير القرينة الصارفة أي : استقر بناء الشارع على نصب قرينة صارفة فقط على إرادة أحد المعنيين بالخصوص الذي اعتبرت العلاقة ابتداء بينه وبين المعنى اللغوي.
(٢) أي : بحيث كان هذا البناء الذي استقر قرينة على أن المراد هو المجاز الأول من غير حاجة إلى قرينة أخرى معينة ، إلّا إن إثبات هذا البناء من الشارع دون خرط القتاد ؛ إذ لا دليل لهم على إثبات هذا البناء من الشارع ، كي يكون مستندا لهذا التصوير في مقام الإثبات.
(٣) أي : ظهر بما ذكرناه ـ من تصوير النزاع على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية ـ : «تصوير النزاع ـ على ما نسب إلى الباقلاني» ـ.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أنه نسب إلى الباقلاني ما ملخصه : من أن مثل الصلاة والحج والصوم وما شابهها من العبادات ليست مستحدثة وإنّما هي معاني