ذلك ، إنّما هو بالمهم من لوازمها لوضوح اختلافه بحسب اختلاف الأنظار ، وهذا لا يوجب تعدد المعنى ، كما لا يوجبه اختلافها (١) بحسب الحالات من السفر والحضر ، والاختيار والاضطرار ، إلى غير ذلك ، كما لا يخفى.
ومنه (٢) ينقدح : أن الصحة والفساد أمران إضافيان ، فيختلف شيء واحد (٣) صحة وفسادا بحسب الحالات ، فيكون تاما بحسب حالة ، وفاسدا بحسب أخرى ، فتدبر (٤) جيدا.
______________________________________________________
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : «أن الصحة عند الكل» أي : الجماعات الثلاث بمعنى واحد وهو التمامية ، والاختلاف في تفسيرها لا يكون لأجل الاختلاف في مفهومها ، بل يكون لأجل الاختلاف في المهم من لوازمها حيث إن المهم في نظر الفقيه هو إسقاط القضاء ففسرها به ، وفي نظر المتكلم موافقة الأمر والشريعة الموجبة للقربة إلى الله تعالى ففسرها بها ، وعند العرف في باب المعاملات هو ترتب الأثر ففسرت به ، ومن البديهي : أن اختلاف المهم لا يوجب تعدد المعنى فإنه كاختلاف الحالات والأنظار ، فالصحة والفساد وصفان يختلفان حسب الحالات والأنظار.
(١) أي : لا يوجب تعدد المعنى اختلاف الصحة بحسب الحالات الطارئة على المكلف من السفر والحضر ، والاختيار والاضطرار ، والثنائية والثلاثية والرباعية ، والجهر والإخفات ، إلى غير ذلك. فالصحيح في كل حالة وإن كان مخالفا للصحيح في حالة أخرى إلّا إن الصحة في جميعها واحدة وهو التمامية في هذا الحال.
ومن هنا يظهر : أن الصحة والفساد وإن كان بينهما تقابل العدم والملكة ومع ذلك يكونان متضايفين بالنسبة إلى حالات المكلف ؛ حيث إن عملا واحدا فاسد بالنسبة إلى حال كالقصر للحاضر وهو صحيح بالنسبة إلى حال آخر ، كالقصر بالنسبة إلى حال السفر ، وهو معنى الإضافي. كما أشار إليه بقوله «ومنه انقدح ...» إلخ.
(٢) أي : مما ذكرناه ـ من اختلاف الصحة حسب اختلاف الحالات ـ ظهر أن الصحة والفساد أمران إضافيان لا أمران حقيقيان ، لأن الأمر الحقيقي لا يتطرق إليه الاختلاف.
(٣) كالصلاة عن جلوس وهي شيء واحد لكنها صحيحة للعاجز وفاسدة للقادر.
(٤) لعله إشارة إلى دفع ما يتوهم من أن الصحة والفساد بينهما تقابل العدم والملكة ، فكيف يكونان متضايفين؟
وحاصل الدفع : أن المراد بكونهما إضافيين ليس أنهما من مقولة الإضافة ، لأن