والإشكال فيه (١) ـ بأن الجامع لا يكاد يكون أمرا مركبا إذ كل ما فرض جامعا ـ يمكن أن يكون صحيحا وفاسدا ، لما عرفت (٢).
ولا أمرا بسيطا (٣) ، لأنّه لا يخلو إمّا أن يكون عنوان المطلوب ، أو ملزوما مساويا
______________________________________________________
(١) أي : الإشكال فيما ذكرناه من تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة.
وحاصل الإشكال : أن الجامع الذي فرض إما مركب أو بسيط ولا يجوز الالتزام بشيء منهما.
وأمّا عدم جواز الالتزام بكونه مركبا ، فلأنه لو كان مركبا لا ينطبق على جميع الأفراد الصحيحة المختلفة زيادة ونقصا بحسب حالات المكلّف كما عرفت.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن الجامع لو كان مركبا لكان مركبا من الأجزاء والشرائط ؛ إذ ليس هناك شيء آخر حتى يكون الجامع مركبا منه.
ثم المركب من الأجزاء والشرائط كما يختلف زيادة ونقصا بحسب حالات المكلف ؛ كذلك يختلف صحة وفسادا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا يصح أن يكون الجامع مركبا لا من جميع الأجزاء والشرائط ، ولا من البعض ، وذلك إذا فرض الجامع بين الأفراد الصحيحة في الصلاة مثلا مركبا من أربع ركعات ؛ فهي صحيحة للمكلف الحاضر ، وفاسدة للمسافر ، وإذا فرض مركبا من ركعتين فهي صحيحة للمسافر دون الحاضر ، وهكذا الحال في صلاة العاجز عن القيام القادر عليه ، إذ الصلاة عن جلوس صحيحة للعاجز ، وفاسدة على القادر. فلا يعقل أن يكون الجامع مركبا ؛ لأنه لا يجري في تمام حالات المكلف.
(٢) أي : لما عرفت من أنّ الصحة والفساد يختلفان بحسب اختلاف حالات المكلف.
(٣) أي : لا يصح أن يكون الجامع أمرا بسيطا. وأمّا عدم جواز الالتزام بكونه أمرا بسيطا : فلأنّه لا يخلو إمّا أن يكون عنوان المطلوب أو ملزوما مساويا له ولا يجوز الالتزام بشيء منهما.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : إن ذلك الأمر البسيط لا يكاد يصح أن يكون أمرا ذاتيا ، بل هو غير معقول ، ولذا لم يتعرض له المصنف ، وذلك لأن الصلاة مثلا ليست من الحقائق الخارجية ، بل عنوان اعتباري ينتزع عن أمور متباينة كل واحد منها من نوع خاص ، وداخل تحت مقولة خاصة ، وليس صدق الصلاة على هذه الأمور المتباينة صدقا ذاتيا ، وعلى هذا لا يعقل تصوير جامع ذاتي بين أجزائها فضلا عن الجامع الذاتي بين أفرادها ومصاديقها.