تذنيبان : (١)
الأول : لا ريب (٢) في استحقاق الثواب على امتثال الأمر النفسي ، وموافقته ، واستحقاق العقاب على عصيانه ومخالفته عقلا ، وأما استحقاقهما على امتثال الأمر
______________________________________________________
الثانية : هي أصالة البراءة. وقد أضربنا عما في بعض الشروح والحواشي من تطويل الكلام في المقام ؛ رعاية للاختصار.
(١) أي : وهما من توابع الواجب النفسي والغيري.
(٢) قبل الخوص في البحث ينبغي بيان ما هو محل النزاع فيقال : إنه لا إشكال ولا نزاع في ترتب الثواب على امتثال الواجب النفسي وموافقته ، وكذلك لا إشكال في استحقاق العقاب على ترك الواجب النفسي ؛ لأنه طغيان وتمرّد على المولى ، وخروج عن رسم العبودية.
وإنما النزاع والإشكال في موردين :
الأول : في وجه ترتب الثواب على امتثال الواجب النفسي ؛ هل هو بالاستحقاق أو بالتفضل؟
الثاني : في ترتب الثواب والعقاب على الواجب الغيري ؛ هل في موافقته ثواب ، وفي مخالفته عقاب أم لا؟
إذا عرفت محل النزاع فنقول : إن ظاهر المصنف «قدسسره» في المورد الأول هو : كون ترتب الثواب على امتثال الواجب النفسي إنما هو بالاستحقاق لا بالتفضل ، وهناك قول بأنه تفضلي بدعوى : إن العبد ليس أجيرا في عمله للمولى ليستحق الثواب عليه ، وإنما جرى ومشى على طبق وظيفته ومقتضى عبوديته ؛ إذ للمولى حق على العبد أن يطيعه لأنه ولي النعمة ، والعبد بأداء حق العبودية لا يصير مستحقا للثواب وذا حق على المولى ، ولكن المولى الحقيقي أعني : الله «سبحانه وتعالى» هو الذي يتفضّل على العبد بإعطاء الثواب والأجر.
ومن هنا يظهر : إن ما هو ظاهر المصنف من ترتب الثواب على امتثال الواجب النفسي بالاستحقاق لا يخلو عن إشكال ؛ لأن الحاكم باستحقاق العبد للثواب عند الموافقة ، وباستحقاق العقاب عند المخالفة إنما هو العقل ، فحكمه باستحقاق العبد للعقاب عند مخالفته للأوامر النفسية الصادرة عن المولى وإن كان مما لا شك فيه ؛ لأن العقل يستقل باستحقاق العبد للعقاب عند المخالفة بمعنى : إنه لا يرى عقاب المولى إياه ظلما ، إلّا إن حكمه باستحقاق العبد للثواب والأجر عند موافقته لها لا يخلو عن إشكال ؛ لأن العقل