على المقدمات أو على التفضل فتأمل جيدا ؛ وذلك (١) لبداهة : أن موافقة الأمر الغيري ـ بما هو أمر لا بما هو شروع في إطاعة الأمر النفسي ـ لا توجب قربا ، ولا مخالفته ـ بما هو كذلك ـ بعدا ، والمثوبة والعقوبة إنما تكونان من تبعات القرب والبعد.
إشكال (٢) ودفع :
أما الأول : فهو أنه إذا كان الأمر الغيري بما هو لا إطاعة له ، ولا قرب في
______________________________________________________
فهذه الروايات تدل على ترتب الثواب على المقدمات كالخطوات ؛ فإنها مع كونها مقدمة للزيارة يترتب عليها الثواب ، هذا ينافي ما سبق من المصنف من عدم استحقاق الثواب إلّا على ذي المقدمة.
وحاصل الدفع : أن الروايات الظاهرة في ترتب الثواب على المقدمات إما محمولة على ترتب الثواب على ذي المقدمة ، أو على التفضّل ، جمعا بين ما تقدم من حكم العقل بعدم الاستحقاق ، وبين تلك الأخبار ؛ بمعنى : أن استقلال العقل بعدم استحقاق الثواب على امتثال الأمر الغيري قرينة عقلية على صرف تلك الأخبار من ظواهرها على تقدير ظهورها في الاستحقاق ، وحملها على خلاف ظواهرها ؛ وهو : ترتب الثواب على ذي المقدمة ، أو على نفس المقدمة ، لكن تفضّلا لا استحقاقا ؛ لأن الفضل بيده «سبحانه وتعالى» يؤتيه من يشاء ؛ وذلك لما عرفت : من أن المثوبة والعقوبة مترتبتان على القرب من المولى والبعد عنه ، وامتثال الأمر الغيري لا يوجب قربا ، كما إن مخالفته لا توجب بعدا ، فلا يترتب عليهما ثواب ولا عقاب ، فإذا امتنع الاستحقاق فلا محيص عن حمل ما دل على الثواب على المقدمات على أحد الوجهين المذكورين.
(١) قوله : «وذلك لبداهة ...» إلخ تعليل لوجوب التنزيل المزبور ، وإعادة لما سبق من ضرورية استقلال العقل ، وحاصل التعليل كما عرفت : أن استقلال العقل بعدم استحقاق الثواب على امتثال الأمر الغيري قرينة عقلية على صرف تلك الأخبار عن ظواهرها على تقدير ظهورها في الاستحقاق كما مر فلا نعيد.
(٢) أي : هاهنا إشكالان : الأول : ما أشار إليه بقوله : «أما الأول ...» إلخ.
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «هذا مضافا ...» إلخ ، ولكن المصنف جعلهما في الظاهر إشكالا واحدا.
وحاصل الإشكال الأول : أن الواجب الغيري مما لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب ؛ لعدم كونه موجبا للقرب والبعد ، وعلى هذا : فكيف يترتب الثواب على الطهارات الثلاث؟ مع كونها من المقدمات ؛ وقد عرفت : أنهم بنوا فيها على عدم استحقاق الثواب عليها ، وقد قام الإجماع على ترتب الثواب على الطهارات الثلاث مع كونها من المقدمات.