منها من العنوان ، الذي يكون بذاك العنوان مقدمة وموقوفا عليها ، فلا بد في إتيانها بذاك العنوان من قصد أمرها ، لكونه لا يدعو إلّا إلى ما هو الموقوف عليه ، فيكون عنوانا إجماليا ومرآة لها ، فإتيان الطهارات عبادة وإطاعة لأمرها ليس لأجل أن أمرها المقدمي يقضي بالإتيان كذلك (١) ؛ بل إنما كان لأجل إحراز نفس العنوان الذي يكون بذاك العنوان موقوفا عليها.
وفيه : (٢) مضافا إلى أن ذلك لا يقتضي الإتيان بها كذلك ، لإمكان الإشارة إلى
______________________________________________________
هي حركات خاصة كغسل جميع البدن في الغسل ، والغسلتين والمسحتين في الوضوء ؛ بل بعنوان خاص تكون مقدمة للعبادة ، وحيث لا طريق للمكلف إلى إحرازه حتى يقصده تفصيلا ، فلا بد من قصده إجمالا ، فيأتي بتلك الحركات بداعي أمرها الغيري ؛ كي يكون قصد الأمر الغيري عنوانا إجماليا ومرآة لذلك العنوان الخاص ؛ فإن الأمر لا يدعو إلّا إلى متعلقه ، فإذا أتى المكلف بتلك الحركات بداعي وجوبها الغيري فقد أتى بها بعنوانها الخاص المأخوذ فيها ؛ إذ لا سبيل للمكلف إلى قصد ذلك العنوان المجهول إلّا بقصد الأمر الغيري ، الذي هو عنوان إجمالي لذلك.
فالوجه في عبادية الطهارات الثلاث هو : ذلك العنوان المقصود إجمالا بقصد الأمر الغيري ، وليس الوجه في عباديتها الأمر الغيري حتى يرد عليه بأنه توصليّ فكيف يتقرب به؟
(١) أي : عبادة ، وما في «منتهى الدراية» من كون الضمير في كل من ـ لأمرها ـ و ـ أمرها ـ و ـ عليها ـ عائدا إلى الطهارات كان صحيحا. فمعنى العبارة : بل إنما كان إتيان الطهارات لأجل إحراز نفس العنوان الذي تكون الطهارات بذاك العنوان مقدمة وموقوفا عليها.
(٢) قد أورد المصنف «قدسسره» على هذا الوجه من التفصّي بوجهين :
الأول : ما أشار إليه بقوله «وفيه :» ـ إلى أن قال : ـ «إنه غير واف».
والثاني : ما أشار إليه بقوله : «مضافا إلى أن ذلك لا يقتضي الإتيان بها كذلك» أي : بقصد أمرها غاية ، كما هو قضية قوله : «فلا بد في إتيانها بذاك العنوان من قصد أمرها».
وحاصل الوجه الأول : أن هذا التفصّي على تقدير تسليم كونه وافيا بدفع إشكال عبادية الطهارات ، لكنه لا يفي بدفع الإشكال من ناحية ترتب الثواب عليها.
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن الإشكال الوارد على الطهارات الثلاث ينحل إلى إشكالين :