خلاصة البحث مع نظريات المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ تقسيم الواجب إلى النفسي والغيري باعتبار الدواعي بمعنى : أنه إذا كان الداعي لطلب شيء هو التوصل إلى واجب آخر ؛ كان ذلك الشيء واجبا غيريا. وإذا لم يكن الداعي التوصل إلى واجب آخر كان ذلك الشيء واجبا نفسيا.
فالواجب الغيري : ما أمر به لغيره ؛ والواجب النفسي : ما أمره لنفسه. وقد أورد على تعريف الواجب النفسي بما حاصله : أن لازم التعريف المذكور : أن يكون جميع الواجبات الشرعية ـ ما عدا المعرفة بالله تعالى ـ من الواجبات الغيرية ؛ لأنها مطلوبات لأجل الخواص والغايات على ما هو الحق عند العدلية ؛ من أن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد ، فتعريف الواجب النفسي لا يكون جامعا ، كما أن تعريف الواجب الغيري لا يكون مانعا.
وقد أجاب المصنف عن هذا الإيراد بما حاصله : أن الفوائد المترتبة على الواجب ـ وإن كانت محبوبة ـ إلّا إنها خارجة عن الاختيار ، فلا تكون واجبة حتى يقال بكون الواجبات التي تترتب عليها هذه الفوائد واجبات غيرية. هذا ما أشار إليه بقوله : «فإن قلت : نعم ...» إلخ ، ثم ردّ المصنف هذا الجواب بما حاصله : أن تلك الفوائد وإن كانت خارجة عن القدرة بلا واسطة ؛ إلّا إنها مقدورة مع الواسطة ، والمقدور مع الواسطة مقدور ، وإلّا لما صح وقوع التطهير والتمليك والتزويج والطلاق والعتاق في الشريعة.
فالأولى في الجواب عن أصل الإشكال أن يقال : إن فعل الواجب وإن كان مما يترتب الأثر عليه ـ إلّا إنه في نفسه حسن يمدح فاعله ويذم تاركه عقلا ، فهو متعلق للإيجاب بما هو كذلك ، ولا ينافيه كونه مقدمة لأمر مطلوب واقعا ، فلا يتوجه عليه الإشكال إذ فيه كلا الملاكين ؛ ملاك الوجوب النفسي ، وملاك الوجوب الغيري.
٢ ـ إن مقتضى إطلاق الهيئة ـ عند الشك في كون شيء واجبا نفسيا أو غيريا ـ هو : كونه واجبا نفسيا ؛ لأن الغيرية قيد زائد على نفس الطلب ، فيحتاج إلى مئونة زائدة ، فعند الشك فيها يرجع إلى الإطلاق الناشئ من مقدمات الحكمة ، هذا بخلاف النفسية فإنها ليست زائدة على نفس الطلب حتى تنفى بالإطلاق.
وأما ما في التقريرات : من منع التمسك بالإطلاق ، بدعوى : كون معنى الهيئة جزئيا ؛ لأن وضعها كوضع الحروف يكون الموضوع له جزئيا ، والجزئي غير قابل للإطلاق